للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماع، فإن ذلك عرف بصغر سن أحدهم يوم إدراكه، وأنه لم يكن في عمر من يحتمل عنه ما روى عن ذلك الشيخ، كرواية ابن المسيب عن عمر، ورواية الأعمش عن أنس، مع ما ينضم إلى هذا الأخير مما عرف عنه من التدليس.

الثاني: عبارات لأحمد بن حنبل وغيره فيها التوقف عن القطع بالاتصال؛ لأنه لم يقف على ما يدل عليه، كقول أحمد، وقد سئل: يحيى بن أبي كثير سمع من أنس؟: " قد رآه، قال: رأيت أنساً، ولا أدري سمع منه أم لا " (١).

قلت: وهذا التوقف من جهة ما ورد من الريبة في الانقطاع؛ من أجل صغر يحيى حين أدرك أنساً.

الثالث: ما يوجد من نفي السماع في عبارات بعضهم في حق من عرف لهم الإدراك وإمكان اللقاء، كقول أبي زرعة الرازي في (أبي أمامة بن سهل بن حنيف): " لم يسمع من عمر " (٢)، مع أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فليس في محل النزاع، إذ لانزاع أن الراوي إذا ثبت عدم سماعه فلا يغني لاتصال روايته ثبوت اللقاء، وإنما الشأن فيمن لم يثبت أنه لم يسمع، ولم يأت أنه سمع، وكان اللقاء والسماع ممكناً لثبوت الإدراك المجيز لتحقق ذلك.

الرابع: قيام شبهة في عدم الاتصال في محل العنعنة، مثل أن يروي الراوي عن رجل عاصره، لكنهما قد تباعدت أرضهما، ولا يعرف لأحدها ارتحال إلى بلد الآخر، مثل قول أبي حاتم الرازي في رواية ابن سيرين عن أبي الدرداء: " قد أدركه، ولا أظنه سمع منه، ذاك بالشام، وهذا بالبصرة " (٣).


(١) المراسيل لابن أبي حاتم (ص: ٢٤٠).
(٢) المراسيل لا بن أبي حاتم (ص: ١٦، ٢٥٨).
(٣) المراسيل لابن أبي حاتم (ص: ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>