للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثماً بفعله ذلك، غاشاً لعوام المسلمين، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع " (١).

وقال الترمذي: " وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال، منهم الحسن البصري وطاوُس تكلما في معبد الجهني (٢) , وتكلم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب (٣)، وتكلم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي في الحارث الأعور (٤)، وهكذا روي عن أيوب السختياني وعبد الله


(١) صحيح مُسلم (١/ ٢٨).
(٢) أما أثرُ الحسن، فأخرجه الترمذي في " العلل الصغير " (٦/ ٢٤٨) وعبد الله بن أحمد في " السنة " (رقم: ٨٤٩) والآجري في " الشريعة " (رقم: ٥٩٢، ٥٩٩) وابن عدي في " الكامل " (١/ ١٣١) من طريق مَرحوم بن عبد العزيز العطار، قال: سمعت أبي وعمِّي يقولان: سَمعنا الحسن وهو ينهى عن مجالسة مَعبد الجهني، يقول " لا تُجالسوه؛ فإنه ضال مُضل ".
قلت: إسناد هذا الخبر إلى الحسن حسن.
وأخرجه العقيلي في " الضعفاء " (٤/ ٢١٨) بإسناد آخر عن الحسن، وهو جيد.
وأما أثر طاوُس، فأخرجه الفريابي في " القدر " (رقم: ٢٦٦) وعبد الله بن أحمد في " السنة " (رقم: ٨٤٧) والآجري في " الشريعة " (رقم: ٥٩٠) واللالكائي في " السنة " (رقم: ١٢٧٣) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: قال لنا طاوس: " أخروا معْبد الجهني؛ فإنه قدري ". وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (٢/ ٢ / ٣٥٩) و " الأوسط " (١/ ٣٦٩) وابن سعد في " الطبقات " (٧/ ٢٢٨) وعبد الله بن أحمد في " السنة " (رقم: ٣٠٣) من طريق حمَّاد بن زيد، عن أيوب (يعني السختياني)، قال: ما رأيت أحداً أعبد من طلْْق بن حبيب، فرآني سعيد بن جبير جالساً معه، فقال: ألم أرك مع طلقٍ؟ لا تُجالس طلقاً، وكان طلقٌ يرى الإرجاء.
قلت إسناده صحيح، وهذا لفظ البخاري.
(٤) أما عن الشعبي، فأخرجه مُسلم في " مُقدمة صحيحه " (١/ ١٩) عنه، قال: حدثني الحارث الأعور، وكان كذاباً ".
وأخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (٣/ ١١٦ _ ١١٧) وعبد الله بن أحمد في " العلل " (رقم: ٩٩٠، ١١٤٨) وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (١/ ٢ / ٧٨) والعُقيلي (١/ ٢٠٨) وابنُ عدي (٢/ ٤٤٩ _ ٤٥٠) والخطيب في " الكفاية " (ص: ١٥١) وفي رواية لأكثرهم، قال الشعبي: " حدثني الحارث الأعور، وأشهد أنه أحد الكذابين ".
وهو صحيح عنه باللفظين.
وأما عن إبراهيم، فأخرجه مسلم في " المقدمة " (١/ ١٩) وابنُ أبي حاتم (١/ ٢ / ٧٨) والعُقيلي (١/ ٢٠٨) وابنُ عدي (٢/ ٤٤٩) بإسناد صحيح عن إبراهيم: " أن الحارث اتُّهم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>