للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حبان: سئل علي بن المديني عن أبيه؟ فقال: " اسألوا غيري " فقالوا: سألناك، فأطرق، ثم رفع رأسه وقال: " هذا الدين، أبي ضعيف " (١).

وهذا يحيى بن معين يتكلم في صاحب له ممن كان يحبه، فنقل عنه الحسين بن حبان قوله في (محمد بن سليم القاضي): " هو _ والله _ صاحبنا، وهو لنا محب، ولكن ليس فيه حيلة البتة، وما رأيت أحداً قط يشير بالكتاب عنه ولا يرشد إليه "، وقال: " قد _ والله _ سمع سماعاً كثيراً، وهو معروف، ولكنه لا يقصر على ما سمع، يتناول ما لم يسمع "، قلت له: يكتب عنه؟ قال: " لا ". وفي رواية ابن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: " ليس بثقة "، قلت: لم صار ليس بثقة؟ قال: " لأنه يكذب في الحديث " (٢).

والقاعدة في أئمة هذا الشأن الشهرة بالدين والصلاح والورع، لكن العصمة غير ثابتة لهم، فقد يتأثر الناقد ببعض العوارض فيصدر حكمه على غير سنن العدل، فيجب التفطن إلى ذلك، كما وقع من جماعة من النقاد في حق بعض النقلة وعلمنا بالقرائن أن أحكامهم تلك لم تكن منصفة.

وعليك أن تتفطن إلى أمرين هنا:

الأول: لا يجوز اعتماد قول ذلك الناقد في حق من دلت القرائن أنه على خلاف حكمه فيه، وإنما تلك زلة توجب الاستغفار له.

والثاني: لا يجوز إهدار سائر أحكام ذلك الناقد على غير ذلك الراوي بسبب زلته تلك، وإنما هي باقية على الاعتبار كأقوال غيره من الأئمة.

لكن اعلم أنه لا يجوز الإقدام على رد كلام الناقد وادعاء كونه خرج على غير مخرج الإنصاف إلا بعد ثبوت المعارض الراجح.


(١) المجروحين، لابن حبان (٢/ ١٥).
(٢) تاريخ بغداد، للخطيب (٥/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>