غفر الله للجميع، فلا يجوز أن يستعمل ذلك سبباً للنيل من البخاري بوجه، فضلاً عن ترك حديثه كما صنع أبو زرعة وأبو حاتم، غفر الله لهما.
٤ _ المعرفة بأسباب الجرح والتعديل.
هذه الخصلة من أهم ما يجب ملاحظته في الناقد، فلا يقبل جرح أو تعديل إلا من عارف بما يكون جرحاً وما يكون عدالة.
والكلام في الرواة يأتي عادة من أئمة قد عرفوا به وعدوا من أهله وأصحاب الدراية به، لكنك تجد بعد الشيء من ألفاظ الجرح والتعديل يقع من بعض الرواة الثقات في بعض الرواة الآخرين من شيوخهم أو غيرهم، فهؤلاء يجب أن تحتاط في قبول أقوالهم على معانيها المستعملة في هذا العلم؛ لجواز صدورها على غير مراد أهل المعرفة.
ومن هذا ما صدر من جماعة من التابعين في بعضهم، كتكذيب سعيد بن المسيب لعكرمة مولى ابن عباس، وتكذيب سالم بن عبد الله بن عمر لنافع مولى ابن عمر، فإنهم كانوا يطلقون على الخطأ لفظ الكذب، بخلاف ما جرى عليه نقاد المحدثين من بعد فإن الكذب عندهم هو تعمد وضع الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا ما قد تراه في سياق إسناد من قول الراوي الثقة:(حدثنا فلان وكان ثقة) أو شبه ذلك، فإن لم يكن ذلك الراوي معروفاً في أئمة الجرح والتعديل فلا تكفي مجرد ثقته في نفسه لاعتماد قوله والتعويل عليه، إلا أن يوافق من عارف، ومن أمثلته:
[١] قال محمد بن إسحاق صاحب " السيرة ": " حدثني محمد بن يحيى بن حبان، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة وكانا ثقة "(١).
(١) سنن النسائي (رقم: ٢٤٧٦)، مُسند أحمد (رقم: ١١٨١٣).