للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عدي في (عبد الله بن يوسف التنيسي): " البخاري مع شدة استقصائه اعتمد عليه في مالك وغيره، ومنه سمع (الموطأ)، وله أحاديث صالحة، وهو خير فاضل " (١).

وقال في (علي بن الجعد): " والبخاري مع شدة استقصائه يروي عنه في صحاحه " (٢).

كذلك قال في (فليح بن سليمان): " اعتمده البخاري في (صحيحه)، وروى عنه الكثير، وهو عندي لا بأس به " (٣).

قلت: لكن الواجب أن لا تجعل هذه قاعدة مطردة في كل ما روى ذلك الراوي؛ لأن الشيخين كان من منهجهما الانتقاء من حديث من عرف بضعف من أهل الصدق، فالصواب أن يستفاد من احتجاج الشيخين أو أحدهما براو أنه مقبول من حيث الجملة، لكن حديثه المعين غير المخرج في الصحيح يجب الاحتياط في قبوله حتى يثبت أنه محفوظ، ليوافق منهج صاحب (الصحيح) في الانتقاء (٤).

قال الزيلعي عقب حديث يرويه أبو أويس المدني في الجهر بالبسملة: " لو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به؛ لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به، فكيف إذا انفرد بشيء وخالفه فيه من هو أوثق منه؟ مع أنه متكلم فيه، فوثقه جماعة، وضعفه آخرون .. ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه، ولو اعتبرنا ذلك لذهب معظم السنة؛ إذ لم يسلم من كلام الناس إلا من عصمه الله، بل خرجا في (الصحيح) لخلق ممن تكلم فيهم، منهم: جعفر بن سليمان الضبعي، والحارث بن عبيد الإيادي، وأيمن بن نابل


(١) الكامل (٥/ ٣٤٢).
(٢) الكامل (٦/ ٣٦٦).
(٣) الكامل (٧/ ١٤٤).
(٤) وانظر البحث في: شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>