وقال في ترجمة (محمد بن عطية بن سعد العوفي): " منكر الحديث جداً، مشتبه الأمر، لا يوجد الاتضاح في إطلاق الجرح عليه؛ لأنه لا يروي إلا عن أبيه، وأبو ليس بشيء في الحديث، ولا يروي عنه إلا أسيد بن زيد، وأسيد يسرق الحديث، فلا يتهيأ إطلاق القدح على من يكون بين ضعيفين إلا بعد السبر والاعتبار بما يروي عن غير الضعيف، ولا سبيل إلى ذلك فيه فهو ساقط الاحتجاج، حتى تتبين عدالته بروايته عن ثقة إذا كان دونه ثقة، واستقامت الرواية فلم يخالف الثقات "(١).
قلت: فهذه النصوص المفسرة دالة على ما يلي:
أولاً: أن الطريق إلى تبين عدالة الراوي عنده هو اختبار حديثه.
وهذه هي العدالة الموجبة لقبول حديثه، وهي الإتقان لما رواه، وهذا طريق عامة الأئمة في أكثر الرواة.
ثانياً: أن العدالة تثبت عنده برواية الواحد الثقة.
وحيث إنه اعتبر اختبار حديث الراوي وسلامته من النكارة علامة على عدالته في النقل، دل على أن العدالة التي تثبت عنده برواية واحد ثقة إنما هي ما ترتفع به جهالة عينه ويثبت بها شخصه، وقد تقدم أنه مذهب لغيره، بل عليه عمل النقاد في رواة ما روى عنهم إلا الفرد من الثقات، لم يرو أحدهم منكراً، فصاروا إلى توثيقه وقبوله.
ثالثاً: أنه جرح رواة بالجهالة، لكنها عنده ثابته للراوي الذي لم يعرف إلا من رواية مجروح لا يعتبر به عنده عن ذلك الراوي.
وهذا القدر صحيح، موافق لطريقة غيره، ويبقى: الراوي لا يروي عنه إلا واحد من الثقات، فهذا قد يصفه غير ابن حبان بالجهالة، وقد يختبر حديثه فيلحقه بحسب ما تبين له إما بالمجروحين أو بالثقات، وابن حبان لم