للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك عليه فإنه تاب منه وأقيم عليه الحد المطهر، فعاد أمره إلى العدالة بالتوبة.

قال الخطيب: " كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن " (١).

قلت: والأدلة المثبتة عدالة جميع الصحابة كثيرة في الكتاب والسنة من حيث المعموم، ومن حيث التفصيل في كثير من أعيانهم.

من ذلك قوله تعالى: {وكذلك جعلنكم أمة وسطاً} [البقرة: ١٤٣].

عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، أو: ما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قوله: {وكذلك جعلنكم أمة وسطاً}، قال: الوسط: العدل، قال: فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ، قال: ثم أشهد عليكم " (٢).


(١) الكفاية (ص: ٩٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه وكيع بن الجراح في " نسخته " (رقم: ٢٦) ومن طريقه: أحمد (١٧/ ٣٧٢، ٣٨٣ رقم: ١١٢٧١، ١١٢٨٣) وابن أبي حاتم في " تفسيره " (رقم: ١٣٣٢، ١٣٣٦) و " الجرح والتعديل " (١/ ١ / ٢ _ ٣) عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، به. وأخرجه سعيد بن منصور في (التفسير) من " سننه " (رقم: ٢٢٢) وابن أبي شيبة (١١/ ٤٥٤) وأحمد (١٧/ ١٢٢ رقم: ١١٠٦٨، ١٨/ ١١٢ رقم: ١١٥٥٨) والترمذي (رقم: ٢٩٦١) والنسائي في " التفسير " (رقم: ٢٦، ٢٧) وابن ماجة (رقم: ٤٢٨٤) وأبو يعلى (٢/ ٤١٦ رقم: ١٢٠٧) وابن أبي حاتم في " تفسيره " (رقم ١٣٣١) و " الجرح " (١/ ١ / ٢) وابن حبان (١٦/ ١٩٩ رقم: ٧٢١٦) والبيهقي في " الشعب " (١/ ٢٤٨ رقم: ٢٦٥) جميعاً من رواية أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، بإسناده به. ولم يذكر ابنُ ماجة والبيهقي تفسير الوسط. واقتصر أحمد في الموضع الأول والترمذي وأبو يعلى ومن بعده سِوى البيهقي على قول أبي سعيد: عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: ١٤٣] قال: " عدلاً ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

وأخرجه البخاري (رقم: ٤٢١٧، ٦٩١٧) من طريق أبي أسامة. و (رقم: ٣١٦١) من طريق عبد الواحد بن زياد. والبخاري أيضاً (رقم: ٤٢١٧) وأبو يعلى (٢/ ٣٩٧ رقم: ١١٧٣) من طريق جرير بن عبد الحميد. وكذا البُخاري في " صحيحه " (رقم: ٦٩١٧) و " خلق أفْعال العِباد " (رقم: ٢٠٧) وعبْد بن حميد (رقم: ٩١٣) والترمذي (رقم: ٢٩٦١) وابن جرير في " تفسيره " (٢/ ٧) والبيهقي في " الشعب " (١/ ٢٤٨ رقم: ٢٦٤) من طريق جعفرِ بن عون. وابن جرير (٢/ ٧) من طريق حَفصِ بن غياث، خمستهم عن الأعمش، به.
لم يذكر البخاري في " أفعال العباد " وابنُ ماجة والبيهقي تفسير الوَسط، بينما اقتصرت عليه روايتا ابن جرير، دونَ سائر الحديث. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح ".
خالفهم سُفيان الثوري، فروى الحديث في تفسير (الوَسط) بالعدْل من قول أبي سعيد، ولم يرفعه.
أخرجه ابن جرير (٢/ ٧) من طريق مُؤمَّل بن إسماعيل، والحاكم (٢/ ٢٦٨ رقم: ٣٠٦٢، وكما في " إتحاف المهرة " ٥/ ٢٠٨ حيث سقط بعض الإسناد من طبعة المستدرك) من طريق حماد بن مسعدة، كلاهما عن الثوري عن الأعمش، بإسناده. وقال الحاكم: " صحيح على شرْط الشيخين ".
قلت: ورفْع هذا اللفظ أظْهر على ما في رواية السبعة عن الأعمش: وكيع وأبي معاوية والخمْسة الآخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>