للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء، إذا وجدت في أحدهم الجرح، فليس هو عند الجارح معدوداً في الصحابة، وثبت عليه الجرح عنده بسبب من أسبابه.

وذلك مثل (بسر بن أرطاة) ويقال: (ابن أبي أرطاة)، فقد عده بعضهم في الصحابة، ولا تثبت له صحبة على التحقيق، قال يحيى بن معين: " أهل المدينة ينكرون أن يكون سمع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل الشام يروون عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " (١).

ولما ثبت عنه من الظلم والفساد في الأرض لهوى بني أمية، قال فيه يحيى بن معين: " رجل سوء " (٢).

وأورده ابن عدي في " كتابة " في المجروحين لقول ابن معين فيه، وأورد له حديثين: أحدهما: دعاء مرفوع، والآخر: " لا تقطع الأيدي في الغزو "، وقال: " بسر بن أبي أرطاة مشكوك في صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، لا أعرف له إلا هذين الحديثين، وأسانيده من أسانيد الشام ومصر، ولا أدري بإسناد هذين بأساً " (٣).

قلت: إن سلم الحديثان من النكارة، فلا يسلم إسناد فيه مثل بسر من السقوط، فإن ما تقدم له من الفساد يتعذر في مثله التأويل.

والمهم أن تدرك هنا أنه لا يوجد قدح في عدالة من ثبتت صحبته، إنما وجد مثل هذا فيمن اختلف فيه، والراجح عدم صحبته.

وقد يقول الناقد في الرجل: (مجهول)، وغيره يدعي له الصحبة، فلا تحمل قول بعضهم على بعض، فتظن أن من الصحابة من يطلق عليه ذلك، وإنما هذا تعارض بين أن يكون تابعياً مجهولاً، أو صحابياً، فإن رجح القول بصحبته، وإلا فهو تابعي مجهول، فابحث عن راجحه بحجته.


(١) تاريخ يحيى بن معين (النص: ٦٤٣).
(٢) تاريخ يحيى بن معين (النص: ٥٢٣٦).
(٣) الكامل (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>