للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن دقيق العيد: " والذي تقرر عندنا: أنه لا تعتبر المذاهب في الرواية، إذ لا نكفر أحداً من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة، فإذا اعتقدنا ذلك، وانضم إليه التقوى والورع والضبط والخوف من الله تعالى، فقد حصل معتمد الرواية " (١).

وهو قول يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ومحمد بن عمار الموصلي، وإليه مال الخطيب البغدادي (٢).

قال علي بن المديني: قلت ليحيى (يعني القطان) " إن عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) يقول: اترك من كان رأساً في البدعة يدعو إليها، قال: " كيف نصنع بقتادة وابن أبي رواد وعمر بن ذر؟! " وذكر قوماً، قال يحيى: " إن ترك هذا الصنف ترك ناساً كثيراً " (٣).

قلت: يرد يحيى مذهب ابن مهدي، بل مقتضى قوله أن يكون من سماهم ممن يندرج تحت رأي ابن مهدي، وهو يحل الاستشكال الذي نراه: ما هو حد الداعية من غيره؟ فهذا يحيى القطان يرى قتادة ومن ذكره معه من الدعاة، وإلا لما صح له الاستدراك على ابن مهدي بذكرهم، وهم من ثقات الناس ومتقنيهم وعليهم مدار كثير من الحديث.

يقابله ما نقله محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: قلت لعلي بن عبد الله المديني: يا أبا الحسن، إن يحيى بن معين ذكر لنا: أن مشايخ من البصريين كانوا يمرمون بالقدر، إلا أنهم لا يدعون إليه، ولا يأتون في حديثهم بشيء منكر، منهم: قتادة، وهشام صاحب الدستوائي، وسعيد بن


(١) الاقتراح في بيان الاصْطلاح (ص: ٣٣٣ _ ٣٣٤) وابنُ دقيق وإن صار إلى ترك الرواية عن المبتدع الداعية، إلا أنه جعل ذلك من أجل الإهانة له والإخماد لبدعته، وإن لم نَجد ما رَوى موجوداً من غير طريقه قبلْناه تقديماً لمصْلحة حفظ الحديث.
(٢) الكفاية (ص: ٢٠٠ _ ٢٠١).
(٣) أخرجه أبو القاسم البَغوي في " الجعديات " (رقم: ١٠٩٣) والعُقيلي في " الضعفاء " (ق: ١ / ب) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>