للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصنف الثاني: من كان ضابطاً لكتابه، غير ضابط إذا حدث من حفظه.

إذا كان الراوي المعروف بسوء الحفظ رجع إلى كتاب صحيح، فكان يحدث من كتابه، فحديثه من الكتاب صحيح، ويرد من حديثه ما كان حدث به من حفظه.

وذلك مثل (شريك بن عبد الله القاضي)، فقد كان كثير الحديث جداً، لكنه سيىء الحفظ، وحديثه القديم صحيح مطلقاً، أما ما لم يتبين منه فهو ضعيف لسوء حفظه، إلا ما كان من كتابه فهو صحيح.

قال الحافظ محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: " شريك كتبه صحاح، فمن سمع منه من كتبه فهو صحيح "، قال: " ولم يسمع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق " (١).

قلت: وقد يتكلم في الراوي لمثل هذه العلة، لكنه يعرف بتعاهد كتابه، فمثل يغلب في حديثه جانب الثقة.

وذلك مثل: (همام بن يحيى العوذي البصري)، فقد كان ثقة صادقاً، لكنه كان سيىء الحفظ، يغلط إذا حدث من حفظه.

قال يزيد بن زريع: " همام حفظه رديء، وكتابه صالح " (٢)، وقال أبو حاتم الرازي: " ثقة صدوق في حفظه شيء " (٣).

قلت: لكنه كان يتعاهد كتابه ويرجع إليه، فاندفع ما يخشى من سوء حفظه.

قال أحمد بن حنبل: " من سمع من همام بأخرة هو أصح، وذلك أنه


(١) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ٣٣٢) وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٤/ ٢ / ١٠٨) والعُقيلي (٤/ ٣٦٧) والخطيب في " الكفاية " (ص: ٣٣٢) وإسناده صحيح.
(٣) الجرح والتعديل (٤/ ٢ / ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>