للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل أبو الفضل عباس بن محمد الدوري عن أحمد بن حنبل قال: " أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث " كأنه يعني المغازي ونحوها " فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا " , وقبض أبو الفضل أصابع يده الأربع من كل يد ولم يضم الإبهام (١).

وسئل عبد الله بن أحمد بن حنبل عن (محمد بن إسحاق)؟ فقال: كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيراً بالعلو والنزول، ويخرجه في (المسند)، وما رأيته اتقى حديثه قط، قيل له: يحتج به؟ قال: " لم يكن يحتج به في السنن " (٢).

فابن إسحاق ثقة حجة في السير والمغازي؛ لا عتنائه بها، وهو في التحقيق صدوق في الأحكام، يحكم لحديثه بالحسن بعد السبر والنظر وتحقق حفظه له على الوجه.

الصورة الخامسة: أن يكون متقناً في النقل لغير الحديث، دون ذلك في الحديث.

وفي هذا أن الناقل يكون قد انصرف همه إلى الاعتناء بفن فأتقنه، وتقحم الحديث وليس من فنه فأتى بما لا يحمد، فحيث تميز لنا أمره وعرفنا الفصل فيما روى، فنقتصر على جرحه في الحديث خاصة دون سائر ما روى من العلم.

وهذا مثل (حفص بن سليمان القارئ)، فقد بلغ به سوء حفظه ونكارة حديثه إلى أن كان متروكاً في الحديث، لكنه حجة في القراءة، بل عليه المعول في قراءة عاصم، والتي يقرأ بها اليوم أكثر أهل الإسلام.


(١) أخرجه الدوري في " تاريخ يحيى بن معين " (النص: ٢٣١) ومن طريقه: البيهقي في " دلائل النبوة " (١/ ٣٧ _ ٣٨).
(٢) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (١/ ٢٣٠) وإسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>