للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن بشر بن عمر زعم أنه سأل مالكاً عن صالح مولى التوأمة؟ فقال: " ليس بثقة "؟ فقال أبي: " مالك كان قد أدرك صالحاً وقد اختلط وهو كبير، من سمع منه قديماً فذاك، وقد روى عنه أكابر أهل المدينة، وهو صالح الحديث، ما أعلم به بأساً " (١).

وقال ابن عدي: " هو في نفسه ورواياته لا بأس به إذا سمعوا منه قديماً، فالسماع القديم منه سمع منه ابن أبي ذئب وابن جريج وزياد بن سعد وغيرهم، ممن سمع منه قديماً، فأما من سمع منه بأخرة فإنه سمع وهو مختلط، ولحقه مالك والثوري وغيرهما بعد الاختلاط، وحديث صالح الذي حدث به قبل الاختلاط ولا أعرف له حديثاً منكراً إذا روى عنه ثقة، وإنما البلاء ممن دون ابن أبي ذئب، ويكون ضعيفاً فيروي عنه، ولا يكون البلاء من قبله، وصالح مولى التوأمة لا بأس بروايته وحديثه " (٢).

أما ابن حبان، فإنه ذكر قول يحيى بن معين من رواية الدوري عنه، وقال بعده: " هو كذلك لو تميز حديثه القديم من حديثه الأخير، فأما عند عدم التمييز لذلك واختلاط البعض بالبعض يرتفع به عدالة الإنسان حتى يصير غير محتج به ولا معتبر بما يرويه " (٣).

قلت: كلام ابن حبان هذا من حيث التأصيل في شأن المختلط صحيح في الجملة، لكن القدح في عدالته إنما أراد به الإتقان، وعدم الاعتبار بما يرويه ليس على معنى الترك.

أما بالنظر إلى حال صالح، فليس كما قال؛ لأنه قد تميز أن رواية ابن أبي ذئب والأقدمين عنه كانت قبل اختلاطه، وما مثل به ابن حبان من


(١) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (٢/ ١ / ٤١٧ _ ٤١٨).
(٢) الكامل (٥/ ٨٨).
(٣) المجروحين، لابن حبان (١/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>