للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن يثبت أن السماع وقع منه بعد اختلاطه، ولكن من حمل عنه تحرى في أخذه عنه، فلم يحمل عنه إلا صحيح حديثه، فهذا يحتج به.

ورابعها: أن لا يتبين متى وقع السماع منه: قبل الاختلاط أو بعده، فهذا يتحرى فيه، ويلحق بأشبه حديثه قبل اختلاطه غالباً ألحق بمن يحتج بحديثه عنه، وإن كان العكس فالعكس، وإن تحير الباحث توقف فيه، وهذا يجعله صالحاً للاعتبار على أدنى تقدير.

الراوي يختلط فلا يتميز صحيح حديثه من سقيمه:

وهذه حال خارجة عن وصف الثقة، إذ هذا الصنف من الرواة ضعفاء.

وصورته: الراوي يختلط فيأتي بالمنكرات بسبب اختلاطه، ولا يتميز ما حدث به على الصحة من غيره.

فهذا يضعف مطلقاً، وغاية أمره أن يصلح حديثه للاعتبار، إذا لم يبلغ حد الترك.

ومن مثاله: (ليث بن أبي سليم)، قال مؤمل بن الفضل _ وكان ثقة _: قلنا لعيسى بن يونس: لم تسمع من ليث بن أبي سليم؟ قال: " قد رأيته وكان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن " (١).

وقال ابن حبان في (عبيد بن معتب): " كان ممن اختلط بأخرة، حتى يجعل يحدث بالأشياء المقلوبة عن أقوام أئمة، ولم يتميز حديثه القديم من حديثه الجديد، فبطل الاحتجاج به " (٢).


(١) أخرجه ابنُ أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٣/ ٢ / ١٧٨) وابنُ حبان في " المجروحين " (١/ ٦٨، و ٢/ ٢٣٢) بإسناد صحيح.
(٢) المجروحين (٢/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>