للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا حديث عظيم، صحيح من جهة النقل، اختص به أهل الشام، وجاء عن أبي ذر من طرق لهم، وقال حافظ الشاميِّين أبو مسهر عبدُ الأعلى بن مسهر الغساني: " ليس لأهل الشام أشرف من حديث أبي ذر " (١)، وجاء معنى ذلك كذلك عن أحمد بن حنبل (٢)، ولم يصح من رواية غيره من الصحابة.

٣ _ ما تفرد به أهل البلد عن أهل بلد آخر، وليس هو عند أهل البلد آخر، وليس هو عند أهل البلد الآخر أصلاً، أو ليس عندهم من وجه قويِّ.

مثاله: ما تفرد بروايته من الثقات عبد الله بن المبارك، أخبرنا محمد بن سوقه، عن عبد الله دينار، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب، خطب بالجابية (٣)، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم، فقال:

" استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى إن الرجل ليبتدئ بالشهادة قبل أن يسألها، فمن أراد منكم بحبحة الجنة فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما، ومن ومن سرّتهُ حسنتهُ وسائتهُ سيئتهُ، فهو من مؤمن " (٤).

قال الحاكم: " هذا الحديث من أفراد الخراسانيين عن الكوفيين، فإن


(١) أخرج ذلك ابنُ عساكر في " تاريخه " (٢٦/ ١٣٩).
(٢) ذكره ابنُ رجب في " جامع العلوم والحكم " (ص: ٤٢١).
(٣) قرية في بلاد الشام، قريبة من دمشق.
(٤) أخرجه ابنُ المبارك في " مسنده " (رقم: ٢٤١) ومن طريقه: أحمد (رقم: ١١٤) والطحاوي في " شرح المعاني " (٤/ ١٥٠ _ ١٥١) وابن حبان (١٦/ ٢٣٩ رقم ٧٢٥٤) والحاكم في " المستدرك " (١/ ١١٣ _ ١١٤ رقم: ٣٨٧) و " معرفة علوم الحديث " (ص: ١٠٢) وأبو نعيم في " معرفة الصحابة " (رقم: ٤٤) والبيهقي في " الكبرى " (٧/ ٩١) من طُرق عن ابن المبارك به، بعضهم اقتطع من متنه ولم يذْكره كله.
وبينتُ علة الحديث في كتاب " علل الحديث " مع بيان صحته من هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>