للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيث إن محل ما يتعلق به المتأخرون في الغالب في الاعتداد بالسكوت عن الراوي الديوانان العظيمان في تاريخ الرواة: " التاريخ الكبير " للبخاري، و " الجرح والتعديل " لا بن أبي حاتم، فإليك تحرير القول فيهما، وخذ من ذلك أنموذجاً لغيرهما:

" التاريخ الكبير " للبخاري:

من تأمل هذا الديوان وجد أن البخاري اجتهد في استقصاء أسماء من بلغه ممن روى العلم إلى زمانه، وهو كتاب مليء بالعلم، وما يتصل منه بموضوع الجرح والتعديل، يجب أن يؤخذ بالاعتبار في شأنه ما يلي:

أولاً: لم ينص فيه على خطته، إنما تركها للناظر فيه.

ثانياً: لم يلتزم فيه ذكر التعديل في الرواة، وإنما يرد ذلك أحياناً قليلة جداً.

ثالثاً: التزم أن يذكر الجرح في المجروحين، وذلك من جهة ما يحكيه من عبارات بعض الأئمة قبله، وتارة بعبارة نفسه، وتارة بنقد رواية ذلك الراوي فيستفاد من خلال ذلك النقد جرحه عند البخاري، ولا يلزم بأنه جرح عدداً يسيراً جداً من الرواة سكت عنهم في (التاريخ) وقدح فيهم في محل آخر، فالحكم للغالب الأعم.

رابعاً: لم يجر على الجرح بالجهالة، إلا ما يمكن أن يدل عليه قوله في مواضع في الراوي: " فيه نظر "، فإن التتبع يدل على أن طائفة ممن قال فيهم البخاري ذلك هم في جملة المجهولين.

وقد قال ابن عدي: " مراد البخاري أن يذكر كل راو، وليس مراده أنه ضعيف أو غير ضعيف، وإنما يريد كثرة الأسامي " (١).


(١) الكامل (٣/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>