للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنزول قد يقدم في الاعتبار على العلو، وذلك إذا لم يوجد العالي إلا من وجه لا يثبت لجرح في بعض رواته، أو انقطاع أو تدليس، وجاء بإسناد نازل صحيح.

قال عبد الله بن مبارك: " بعد الإسناد أحب إلي إذا كانوا ثقات؛ لأنهم قد تربصوا به، وحديث بعيد الإسناد صحيح، خير من قريب الإسناد سقيم " (١).

وعن الثقة عبيد الله بن عمرو الرقي، وذكر له قرب الإسناد، فقال: حديث بعيد الإسناد صحيح، خير من حديث قريب الإسناد سقيم _ أو قال ضعيف _ " (٢).

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي: " عوالي الأسانيد مما ينبغي أن يحتشد طالب هذا الشأن لتحصيله، ولا يعرفه إلا خواص الناس، والعوام يظنون أنه بقرب الإسناد وببعده، وبقلة العدد وكثرتهم، وإن الإسنادين يتساويان في العدد وأحدهما أعلى، بأن يكون رواته علماء وحفاظا " (٣).

واعترَّت طوائف كثيرة بقلة رجال الإسناد في معنى العلو، ولم يلاحظوا علل الأخبار، فوجدوا نسخاً عالية الأسانيد بقلة الرجال، وهي هابطة نازلة بوهائهم وسقوطهم، مثل نسخة إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك، ونسخة موسى بن عبد الله الطويل عنه كذلك.

قال ابن دقيق العيد: " ولا أعلم وجهاً جيداً لترجيح العلو إلا أنه أقرب إلى صحة وقلة الخطأ قال: " فإن كان النزول فيه إتقان، والعلو بضده، فلا تردد في أن النزول أولى " (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (١/ ١ / ٢٥) وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (١/ ١ / ٢٤) ومن طريقه: الخطيب في " الجامع " (رقم: ١٢٣) وإسناده صحيح.
(٣) الإرشاد، للخليلي (١/ ١٧٧).
(٤) الاقتراح (ص: ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>