للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل: (تليد بن سليمان المحاربي الكوفي)، كان أحد من سمع منهم أحمد بن حنبل وأثنى عليه (١)، لكنهم نقموا عليه مذهبه في التشيع، وغلظ يحيى بن معين فيه العبارة حتى قال: " كذاب "، لكني بحثت عن سبب تكذيبه له، فوجدته قد أحاله على مذهبه لا على حديثه، إذ نص مقالة يحيى كما رواها عنه الدوري: " تليد كذاب، كان يشتم عثمان، وكل من يشتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دجال، لا يكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " (٢).

فتأثرت طائفة جاءوا من بعد بعبارة يحيى، وليس الأمر كما ذهبوا إليه، إنما علته مما ذكرت، فتأمل ‍‍!

* * *


(١) ووقع في كتاب " الكامل " لابن عدي (٢/ ٢٨٤): قال السعدي (يعني الجوزَجاني): سَمعتُ أحمد بن حنبل يقول: " حدثنا تليد بن سليمان، وهوَ عندي كانَ يكذب، وكان مُحمد بن عبيد يُسيءُ القول فيه "، ونظيرها حكى العُقيلي في " الضعفاء " (١/ ١٧١) عن الجوزجاني.
وأقول: هكذا جاءت العبارة، وفيها تكذيبٌ صريحٌ من أحمد له، وجميع من نقل العبارة عن ابن عدي أو العقيلي فقد حكاها هكذا، والواقع أنه قد حُذف منها ما أفْسدها، بحيث أصْبح ذلك التكذيب من قول أحمد، بينما نصُّ العبارة في " أحوال الرجال " للجوزجاني (النص: ٩٢): " سمعتُ أحمد بن حنبل يقول في كتابي: حدثنا تليد بن سُليمان الخُشني. قال إبراهيم: وهُو عندي كان يكذب، كان مُحمد بن عُبيد يُسيءُ القول فيه "، قلت: وإبراهيم هذا هو الجوزَجاني، فتأمل! ثم إننا حرَّرنا في هذا الكتاب أن الجوزجاني لا يُقبل جرْحه في أهل الكوفة.
قال المروذي عن أحمد: لم يَرَ به بأساً (العلل، للمروذي وغيره، النص: ١٨٩)، وروى عنه في " المسند " حديثاً (رقم: ٩٦٩٨) ولم يتفطن مُحققوه لما ذكرْت، فأطلقوا أن تليداً اتفقوا على ضَعفه، مع أنه عدَّله أيضاً غيرُ أحمد. وهذا مثال أيضاً لوجوب تحرير العبارة عن الناقد.
(٢) تاريخ يحيى بن معين (النص: ٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>