للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الطعن متهافت، فمن ذا كذبه، فالجرح لا يقبل من مجهول، والتهمة بوضع صلاة الرغائب جاءت من جهة أنه روى الحديث فيها، لكنه لم يكن سوى ناقل، وعلتها ممن فوقه، فإسنادها مجهول (١).

وكثير من الثقات رووا عن المجهولين والضعفاء والمتهمين ما هو منكر أو كذب، وما لحقهم الجرح بسببه، إنما التهمة لمن يعرف من رجاله بالعدالة.

وتفطن إلى صورة تقابل هذه، وهي: أن يكون الراوي عن المتكلم فيه مجروحاً، فيروي عنه منكرات، والحمل فيه على ذلك المجروح.

كما قال الدارقطني في (سماك بن حرب): " إذا حدث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص فأحاديثهم عنه سليمة، وما عن شريك بن عبد الله وحفص بن جيمع ونظرائهم ففي بعضها نكارة " (٢).

وكما قال ابن عدي في (ثابت بن أسلم البناني): " هو من ثقات المسلمين، وما وقع في حديثه من النكرة فليس ذلك منه، إنما هو من الراوي عنه؛ لأنه قد روى عنه جماعة ضعفاء ومجهولون، وإنما هو في نفسه إذا روى عمن هو فوقه من مشايخه فهو مستقيم الحديث ثقة " (٣).

وذكر ابن عدي جماعة من الرواة، عيبهم من هذا الباب، فذب عنهم، وحمل النكارة في أحاديث جاءت عنهم على أنها من قبل الأسانيد إليهم (٤).

ثانياً: قد يكون الجرح من أجل الخطأ في حديث معين، فيطلق الناقد العبارة في الراوي، وليس الأمر كما قال، بل الإنصاف أن يقيد الجرح بما أخطأ فيه خاصة، ويحتج به فيما سوى ذلك.


(١) انظر تعليقي على كتاب أبي القاسم بن منده: " الرد على من يقول (الم) حرف " (ص: ٣٩).
(٢) سؤالات السلمي (النص: ١٥٨).
(٣) الكامل (٢/ ٣٠٨).
(٤) فانظر مثلاً: الكامل (٣/ ٧٣) ترجمة (حُميد بن قيس الأعرج)، و (٤/ ١٦١) ترجمة (زيد بن رُفيع).

<<  <  ج: ص:  >  >>