الرواة لهم أحاديث مخرجة في هذه الكتب، لذا فإنك إذا بحثت عن راوٍِ في إسناد حديث يرويه الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده "، فإنك ستجده غالباً في كتب رجال الأمهات الست، ويندر جداً أن لا يكون فيها.
فإذا ظهر فاعلم أنه لم يصنف في هذا الباب على هذا المعنى كتاب أفضل من " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " للإمام الحافظ أبي الحجاج المزِّي (المتوفى سنة: ٧٤٢)، وليت جميع تراجم الرجال تستوعب على نفس منهاجه، وهو قد حوى من التراجم ثمانية آلاف ترجمة.
وتتبعه في ذلك فروعه التي استفيدت منه وبنيت عليه، وأفضلها " تهذيب التهذيب " للحافظ ابن حجر العسقلاني (المتوفى سنة: ٨٥٢).
فهذه المراجع الثلاثة في الرجال كتاب البخاري وابن أبي حاتم والمزي، جميعها رتب على الحروف المعجم، والبحث عن الراوي فيها أيسر من غيرها مما لم يؤلف على منهاجها.
على أنه ينبغي لك أن تعلم بعض الاصطلاحات الخاصة في هذه الكتب، فإنها مع ترتيبها على الحروف المعجم، لكن الأسماء في الحرف الواحد لم يلتزم البخاري وابن أبي حاتم ترتيبها، والتزمه المزي ومن فرع على كتابه، سوى في تقديم من اسمه (أحمد) في حرف الهمزة، ومن اسمه (محمد) في حرف الميم، ومن اسمه (عبد الله) في العبادلة، وصورة نادرة أخرى؛ وهي فصل الراوي المتفق في رسمه وحروفه المختلف في ضبطه وشكله عما وافقه في الرسم، مما يسبب الغلط للمبتدي، كما ترى مثاله في " تهذيب الكمال " بـ (عقيل بن خالد) بضم العين، فإنه فصل عمن اسمه (عقيل) بفتح العين، وجاء بعد الفراغ منه.
ومثل هذه التنبيهات لا نأتي على استقصائها، إنما ينبغي للطالب أن ينتبه إلى مثلها، كما عليه أن يلاحظ منهج كل صاحب تصنيف قبل أن يتقحَّم الأخذ عنه.