قلت: والعمل بهذا الإطلاق يشبه أن يكون عليه عمل عامة المتأخرين من علماء الحديث، كالحاكم والبيهقي وابن الجوزي، ومن بعدهم.
قال أبو يعلى الخليلي، وهو يذكر نوعاً من أنواع علل الحديث:" أن يروي الثقات حديثا مرسلا، وينفرد به ثقة مسندا، فالمسند صحيح وحجة، ولا تضره علة الإرسال "(١). وقال ابن القطان الفاسي من المتأخرين بعد أن ذكر حديثاً أعل بالإرسال والواصل ثقة: " هو نظر غير صحيح أن تعل رواية ثقة حافظ وصل حديثا رواه غيره مقطوعا، أو أسنده ورواه غبره مرسلا؛ لأجل مخالفة غيره له، والأمر يحتمل أن يكون قد حفظ ما لم يحفظه من خالفه، وإذا كان المروي من الوصل والإرسال عن رجل واحد ثقة، لم يبعد أن يكون الحديث عنده على الوجهين، أو حدث به في حالين، فأرسل مرة، ووصل في أخرى، وأسباب إرساله إيَّاه متعددة:
فقد تكون أنه لم يحفظ في الحال حتى راجع مَكتوباً إن كان عنده، أو تذكَّر، أو لأنه ذكره مُذاكرا ً به، كما يقول أحدنا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لِما هو عنده بسنده، أو لغير ذلك من الوجوه.
وإنما الشأن في أن يكون الذي يُسند ما رواه غيره مَقطوعاً أو مُرسلاً، ثقة. فإنه إن لم يكن ثقة لم يُلتفت إليه ولو لم يُخالفه أحدٌ، فإذا كان ثقة فهو حُجة على من لم يَحفظ.
وهذا هو الحق في هذا الأصْل، وكما اختاره أكثر الأصوليون فكذلك أيضاً اختاره من المحدثين طائفة، وإن كانَ أكثرهم على الرأي الأول، فمَّمن اختار ما اخترناه: أبو بكر البزار، ذهب إلى أنه إذا أرْسل الحديث جَماعة،