فحديث أبي بكرة عام في قوم أشبهوا في الحال قوم كسرى فيما كتب الله عليهم من الهزيمة.
وهكذا ربما اعترض بعض الناس من غير أهل الحديث على رواية الثقة الصحيحة، زعماً أنها على خلاف الواقع، وإنما وقعت له شبهة، أو قصد الطعن على السنن فحجب بسوء قصده عن الوقوف على المعنى.
وليس من هذا النوع: أن يفسر العلم الحديث شيئاً من الخلق بتفسير علمي يدل عليه النظر والمشاهدة، وأن يكون له تفسير نبوي آخر لا يعرف مثله إلا عن طريق الوحي، ولا يتناقض في معناه مع التفسير العلمي.
مثاله: حديث أبي ذر الغفاري، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم حين غربت الشمس:" تدري أين تذهب؟ "، قلت الله ورسوله أعلم، قال:" فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى:{والشمس تجري لمستقرٍ لها ذلك تقدير العزيز العليم}[يس: ٣٨] "(١).
قلت: فلا يصح الاعتراض على هذا الحديث الصحيح بالمشاهد، وهو أن الشمس لا تغيب إلا باعتبار البقعة المعينة من الأرض، وهو في الوقت الذي تغيب فيه عن موضع، تكون طالعة في موضع آخر، فمتى يكون ذهابها لتسجد عند العرش وتستأذن لطلوعها؟ وذلك أن أمر العرش غيب، وخضوع غير الإنسان لله وسجوده لله على صفة يعلمها الله ليست مما يدرك بالمشاهدة، والقرآن أثبت سجود المخلوقات جميعاً لله رب العالمين في مواضع منه، كما قال تعالى:{ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثيرٌ حق عليه العذاب}[الحج: ١٨].