للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى حتى يقوم دليل على خطئه، وليس مما يدل على خطئه أن يستقل دون الجماعة بما لا يروونه، وإنما يروي ما يناقض رواية الجماعة، ولا يكون له مخرج سوى الحكم بخطئه أو بخطأ الجماعة، وحيث امتنع الثاني، فقد تعين الأول، وهو (الشذوذ) كما سيأتي.

والدارقطني متشدد، وقد يعل رواية الثقة بمجرد المخالفة وإن لم تكن مناقضة لرواية من هو أولى منه، ولكنه قال في هذا الحديث وقد ذكر مخالفة ابن إدريس للجماعة: " ولعلهما صحيحان، وابن إدريس من الأثبات، ولم يتابع على هذا القول " (١).

وهكذا دل صنيع مسلم حيث أخرج الحديث بالروايتين، وقال ابن حبان عقب إخراجه الحديث من رواية ابن إدريس التي تفرد بها: " ذكر البيان بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون غيره " وساق روايته عن إبراهيم كما رواها عنه الجماعة، فأفاد تصحيح الخبر من الطريقين.

بل في سياق رواية مسلم ما يشعر بوقوع الحديث لابن إدريس من الوجهين، حيث قال: " سمعت الأعمش يرويه عن عبد الله بن مرة " وذكر إسناده، فكأنه يقول: هذا الحديث الذي رواه الأعمش عن إبراهيم سمعته كذلك يرويه عن عبد الله بن مرة.

وكذلك وجدته رواه عبد الله بن محمد الكرماني، وهو ثقة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله (٢).

وهذه كرواية الجماعة، دلت على وقوع الحديث لابن إدريس من


(١) العلل (٥/ ٢٥٢).
(٢) أخرجه الهيثم بن كليب في " مُسنده " (رقم: ٣٧٠) قال: حدثنا ابن أبي خيثمة، حدثنا عبدُ الله بن محمد، به. وإسناده صحيح. وكذلك وقفت عليه منقولاً عن " تاريخ ابن أبي خيثمة " في " شرح العلل " لابن رجب (٢/ ٧٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>