للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مسلم بن الحجاج: " أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد، ومتن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه، فيخالفهم في الإسناد، أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد، وإن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم من أئمة أهل العلم " (١).

قلت: ومثاله تمييز طبقات أصحاب الزهري، ولأئمة الحديث فيهم مقارنات ضرورية الأخذ بالاعتبار، لتمييز المحفوظ من حديث الزهري من غيره.

وقد قسم أبو بكر الحازمي أصحاب الزهري بالنظر إلى جملتهم إلى خمس طبقات (٢)، وتبعه على قسمته غير واحد، منهم ابن رجب الحنبلي (٣)، إليكها بمزيد تهذيب وزيادة:

الطبقة الأولى: جمعت الحفظ والإتقان وطول الصحبة للزهري، والعلم بحديثه، والضبط له، كمالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد الأيلي، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن عمر العمري، محمد بن الوليد الزبيدي، وإبراهيم بن سعد، وصالح بن كيسان، وغيرهم.

والطبقة الثانية: أهل حفظ وإتقان، لكن لم تطل صحبتهم للزهري،


(١) التمييز (ص: ١٧٢).
(٢) وذلك في " شروط الأئمة الخمسة " (ص: ١٥١ _ ١٥٥).
(٣) في " شرح علل الترمذي " (١/ ٣٩٩ _ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>