للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الإِيمَانِ} [الحجرات: ١١]، ووجدوا النقل عن بعض الرواة بكرا هتهم لما لقبوا به.

والتحقيق:

أن هذه الألقاب أصبحت لمن عرف وشاع ذكره بها بمنزلة الاسم العلم، لا تذكر على سبيل الانتقاص، فلا تتصور محدثاً يأتي على ذكر (الأعمش) في إسناد وهو يقصد شينه بصفة العمش، إنما هو في استعماله بمنزلة قوله: (سليمان بن مهران)، بل ربما اقترن عنده ذكر (الأعمش) بأجمل الصفات اللائقة به رحمه الله، فهو يستحضر (الأعمش) الأمام الثقة الحافظ المتقن القارىء الصالح.

وأنت ترى في الأسماء ما لو رجعت إلى أصله ومعناه وأصل اشتقاقه لو جدته يرجع إلى معنى غير محمود، لكن حيث عرف به المسمى به وصار علماً عليه فقد أهمل اعتبار أصله، فلا فرق في اعتبار هذا المعنى في الألقاب لنفس العلة.

قال عبدة بن سليمان (مروزي ثقة): سمعت ابن المبارك وسئل عن (فلان القصير) و (فلان الأعرج) و (فلان الأصفر) و (حميد الطويل)؟ قال: " إذا أراد صفته ولم يرد عيبه فلا بأس " (١).

وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد - يعنى ابن حنبل - سئل عن الرجل يعرف بلقبه؟ قال: " إذا لم يعرف إلا به جاز " ثم قال: " الأعمش إنما يعرفه الناس بهذا " (٢).


(١) أخرجه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " (رقم: ١٢٤٤) بإسناد صحيح، وذكره ابنُ حجر في " نزهة الألباب " (١/ ٤٥) لكن وقع فيه: (عبدة بن عبد الرحيم)، وهذا أيضاً مرزويٌّ ثقة.
(٢) نزهة الألباب، لابن حجر (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>