للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاعدة: أن كل ما في الصحيحين متلقى بالقبول، محكوم بصحة، وليس فيهما حديث موضوع، ولا منكر، بل ولا ضعيف، إلا أحاديث معللة معدودة في " صحيح مسلم ".

وقد يزعم بعض أهل البدع وجود موضوع أو منكر ساقط فيهما؛ لمجيء بعض الروايات على غير أهوائهم، أو لآخرون ظنوا في بعض الأحاديث مخالفة لمعقولهم فردوها، وفهم معاني الأحاديث يتفاوت فيه الناس كما يتفاوتون في فهم القرآن العظيم، وفوق كل ذي علم عليم.

ولا يهوَّل بما وقع من انتقادات بعض الحفاظ على " الصحيحين " كالحافظ الكبير أبي الحسن الدراقطني، عاب عليهما في التخريج لبعض الرجال، وعاب بعض الأحاديث بالتعليل الخفي، كما في كتاب " التتبع " له.

وسأل السلمي الدارقطني: لم ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن أبي صالح في الصحيح؟ فقال: " لا أعرف له فيه عذراً، فقد كان أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي إذا مر بحديث لسهيل قال: سهيل _ والله _ خير من أبي اليمان ويحيى بن بكير، وكتاب البخاري من هؤلاء ملاء " (١).

وقال أبو عثمان سعيد بن عمرو البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم بن الحجاج، ثم الفضل الصائغ على مثاله، فقال لي أبو زرعة: " هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئاً يتشوفون به، ألفوا كتاباً لم يسبقوا إليه؛ ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها ". وأتاه ذات يوم وأنا شاهد رجل بكتاب (الصحيح) من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال لي أبو زرعة: " ما أبعد هذا من الصحيح ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! يدخل في كتابه أسباط بن نصر؟! " ثم رأى في الكتاب قطن بن


(١) سؤالات السلمي (النص: ١٤٨) وبنحوه كذلك (النص: ١٤٩) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>