الكتب الحديثية كثيرة للغاية، وما تقدمت تسميته أو الإشارة إليه فهو أعظمها وأوعبها، واستفادة الحديث الصحيح من أي من الكتب التي عني أصحابها بتخريج الحديث فيها بأسانيدهم توجب التحقق من أمور ثلاثة:
الأول: أن يكون الكتاب المستفاد منه صحيح النسبة إلى مؤلفه.
وهذا الشرط يخل به كثير من المتأخرين في شأن كتب لم تعرف صحتها إلى من نسبت إليه، أو عرفت بالضعف، مثل المسند الذي تعتمده الزيدية المعروف بـ " مسند زيد "، والمسند الذي تعتمده الإباضية المعروف بـ" مسند الربيع بن حبيب "، وكتاب " الجهاد " لعبد الله بن المبارك، وغيرها.
وهذا التنبيه مطلوب اعتباره في جميع كتب الحديث، وقد اعتبره أئمة الحديث حتى في روايات " الصحيحين "، وحققوا صحة أسانيدهما ونسخهما إلى الشيخين، وكذلك فعلوا في شأن السنن الأربعة و" المسند " للإمام أحمد، ومعاجم الطبراني، والأمهات الشائعة.
ووقع لهم الكلام في الشيء من ذلك، ككلامهم في روايات كتب عبد الرزاق الصنعاني عنه من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري، وإن كان التحقيق صحة السماع والنسبة.
والثاني: أن يكون المؤلف مخرج ذلك الحديث ممن يحتج به.
والإخلال بترك التحقق من هذا موجود عند بعض المتأخرين أيضاً، ومعلوم أن طائفة ممن صنفوا في الحديث لم يكونوا من الثقات في أنفسهم، بل هم من المجروحين على تفاوت درجات الجرح، مثل: محمد بن عمر الواقدي، ونعيم بن حماد الخزاعي، وأبي بكر أحمد بن مروان الدينوري، وغيرهم.
والثالث: مراعاة جميع شروط صحة الحديث أو حسنه في ذلك الإسناد المخرج من مؤلفه إلى منتهاه.