وبين مسلم شرطه في " مقدمة صحيحه " فقال: " نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقسمها على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس "(١).
قال: " فأما القسم الأول فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم.
فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم، فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وأضرابهم، من حمال الآثار ونقال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين، فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة؛ لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة وخصلة سنية، ألا ترى أنك إذا وازنت هؤلاء الثلاثة الذين سميناهم عطاء ويزيد وليثاً، بمنصور بن المعتمر وسليمان الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد، في إتقان الحديث والاستقامة فيه، وجدتهم مباينين لهم لا يدانونهم، لا شك عند أهل العلم بالحديث في ذلك؛ للذي استفاض عندهم من صحة حفظ منصور والأعمش وإسماعيل وإتقانهم لحديثهم، وأنهم لم يعرفوا مثل ذلك من عطاء ويزيد وليث.
وفي مثل مجرى هؤلاء إذا وازنت بين الأقران كابن عون وأيوب السختياني، مع عوف بن أبي جميلة وأشعث الحمراني، وهما صاحبا الحسن