لم يدلسوا فيه، أو الذين اختلطوا في أواخر أعمارهم، ما ثبت أنه ليس مما ضر به الاختلاط.
وهذا مما أغفله المستدركون على الصحيحين ما لم يخرجاه، وأبرزهم الحاكم في كتابه " المستدرك ".
ومن أشد ما عيب على الحاكم الإخلال في تعقبه بسبب تساهله في تخريج أحاديث من أخرج لهم الشيخان من الرواة، دون اعتبار الصفة التي أخرج لهم عليها الشيخان.
وبين الزيلعي أن الشيخين أو أحدهما قد يخرجان حديث الراوي فيه ضعف، انتقاء للمحفوظ من حديثه، ومن ثم فيحتج بعض من بعدهم بكون الراوي خرج له الشيخان دون مراعاة هذا المعنى، فقال: " وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على (الصحيحين)، فتساهلوا في استدراكهم، ومن أكثرهم تساهلاً الحاكم أبو عبد الله في كتابه (المستدرك)، فإنه يقول: هذا حديث على شرط الشيخين، أو أحدهما، وفيه هذه العلة، إذ لا يلزم من كون الراوي محتجاً به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث، كان ذلك الحديث على شرطه؛ لما بيناه.
بل الحاكم كثيراً ما يجيء إلى حديث يخرج لغالب رواته في الصحيح، كحديث روي عن عكرمة عن ابن عباس، فيقول فيه:(هذا حديث على شرط البخاري)؛ يعني لكون البخاري أخرج لعكرمة، وهذا أيضاً تساهل.
وكثيراً ما يخرج حديثاً بعض رجاله للبخاري، وبعضهم لمسلم، فيقول:(هذا على شرط الشيخين)، وهذا أيضاً تساهل.
وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحبا (الصحيح) عن شيخ معين، لضبطه حديثه وخصوصيته به، ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه، أو ضبطه حديثه، أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه،