للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة ما في كتابيهما بالمكرر هذا القدر (١)، فما لم يخرجاه من الطرق للمتون التي أخرجاها لعله يبلغ هذا القدر أيضاً أو يزيد، وما لم يخرجاه من المتون من الصحيح الذي لم يبلغ شرطهما لعله يبلغ هذا القدر أيضاً أو يقرب منه، فإذا انصاف إلى ذلك ما جاء من الصحابة والتابعين تمت العدة التي ذكر البخاري أنه يحفظها، بل ربما زادت على ذلك، فصحت دعوى ابن الأخرم: إن الذي يفوتهما من الحديث الصحيح قليل، يعني مما يبلغ شرطهما، بالنسبة إلى ما خرجاه " (٢).

قلت: وهذا الذي جاء عن حفظ البخاري، ذكر عن غيره ما يشبهه أو يزيد عليه، كالذي قيل في مقدار حفظ أحمد بن حنبل، وأبي زرعة الرازي، لكنه جميعاً إخبار عن حفظ الواحد من هؤلاء الأئمة، لا عن مجموع أسانيد الحديث.

والشأن في كثرة الأحاديث المروية كما قال محمد بن أحمد بن جامع الرازي: سمعت أبا زرعة وقال له رجل: يا أبا زرعة، أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: " ومن قال ذا؟! قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مئة ألف وأربعة عشرة ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه " (٣).

قلت: أما إذا قال القائل: يمكن ضبط السنن الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد، فهذا صحيح، فإن ذلك يقل خروجه عن الكتب الستة الأمهات، فإذا ضممت إليها " المسند " لأحمد بن حنبل، ندر من السنن ما يخرج عنها، وذلك النادر يمكن تتبعه من سائر كتب الحديث.


(١) يعني على ما ذكره قبل هذا النص: أن عدة ما في البخاري بالمكرر (٧٢٧٥) حديثاً، وعدة ما في مسلم بالمكرر أيضاً (١٢٠٠٠) حديثاً.
(٢) النكت على ابن الصلاح، لابن حجر (١/ ٢٩٧ _ ٢٩٨).
(٣) أخرجه الخطيب في " الجامع " (رقم: ١٨٩٤) وتكلمت عن إسناده في (القسم الأول) عند الكلام عن الصحابة .......

<<  <  ج: ص:  >  >>