للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال علي بن المديني: قلت ليحيى: مرسلات مجاهد أحب إليك أم مرسلات طاوس؟ قال: " ما أقربهما " (١).

قلت: وقولهم: (مراسيل فلان أحب من مراسيل فلان) ليس تصحيحاً لها، وإنما هو ترجيح في القوة مقارنة بينهما.

وقال أبو عمرو بن العلاء: " كان قتادة لا يغث (٢) عليه شيء، يروي عن كل أحد" (٣).

وقال أحمد بن سنان الواسطي " كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، ويقول: " هو بمنزلة الريح ". ويقول: " هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوا " (٤).

وقال يحيى القطان: " مرسل الزهري شر من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما قدر أن يسمي سمى، وإنما يترك من لا يحسن _ أو يستجيز _ أن يسميه " (٥).

قلت: ووجدت أبا حاتم الرازي سأله ابنه عن حديث يروى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جابر، فحكم بخطأ الرواية، وقال " يروى عن الزهري عن من سمع جابراً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسمي أحداً، ولو كان سمع من سعيد لبادر إلى تسميته ولم يكن عنه " (٦).

قلت: وتلاحظ من هذا العلة التي لأجلها صار أئمة الحديث إلى رد المرسلات.


(١) أخرجه الترمذي في (العلل) آخر " الجامع " (٦/ ٢٤٧)، وابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح والتعديل " (ص: ٢٤٣، ٢٤٤) والخطيب في " الكفاية " (ص: ٥٥٠) وإسناده صحيح.
(٢) أي لا يرى شيئاً مما يَسمع غثاً لا يستحق أن يُروى، وإنما يروي كلَّ ما وقف عليه: الغث والسمين.
(٣) أخرجه الرَّامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: ٤١٧) وإسناده صحيح.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " (ص: ٢٤٦)، وإسناده صحيح.
(٥) أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " (٥٥/ ٣٦٨) وإسناده صحيح .......
(٦) علل الحديث (رقم: ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>