للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بالمدينة، ومن كان بهذا السن جاز جداً أن يسمع من عمر ومن قاربه في موته ومن تلاه، لكن حديثه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه منقطع جزماً، فقد مات قبل أن يولد.

ولكن لصغر سعيد يوم استشهد عمر، مع كثرة ما حدث عنه مما لا يحتمل سنه أن يكون سمعه من عمر؛ اختلف نقاد المحدثين في سماعه منه:

فكان الإمام أحمد بن حنبل يقول: " هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه إذا لم يُقبل سعيد عن عمر فمن يقبل،؟ " (١).

وخالفه غيره.

فقال عباس الدوري: سمعت يحيى _ يعني ابن معين _ يقول: " سَعيد بن المسيب قد رأى عمرَ وكان صغيراً " قلت ليحيى: هو يقول: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر؟ فقال يحيى: " ابن ثمان سنين يحفظ شيئاً؟ " (٢).

وعبد الله بن وهب المصري الحافظ قبله قال: سمعت مالكاً - يعني ابن أنس - وسئل عن سعيد بن المسيب: هل أدرك عمر؟ قال: " لا، ولكنه ولد في زمان عمر، فلما كبر أكبَّ على المسألة عن شأنه وأمره حتى كأنه رآه " (٣).

فنفى مالك الإدراك مع إثباته ولادته في زمان عمر، وإنما يراد اصطلاحاً بالإدراك إدراك الزمان، لكن يشبه أن يكون مراد مالك إدراك السماع لصغر سنه.


(١) الجرح والتعديل (٢/ ١ / ٦١).
(٢) التاريخ، ليحيى بن معين، رواية الدوري (النص: ٨٥٨).
(٣) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (١/ ٤٦٨) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>