للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراعى فيما دون الصحابي، أما الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يخلو من أن يكون سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سمعه من صحابي آخر سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يروي الصحابي عن تابعي عن صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في صور نادرة تستطرف، ولعلها لا يثبت منها كبير شيء، فحيث عادت (مراسيل الصحابة) إلى وسائط من الصحابة أنفسهم، وهم جميعاً عدول فليس لهذه الصورة إذاً تأثيرٌ في صحة الإسناد، وإن أطلق عليها لفظ (الإرسال).

قال الخطيب في كلامه عن (المرسل): " إن كان من مراسيل الصحابة قبل ووجب العمل به؛ لأن الصحابة مقطوع بعدالتهم، فإرسال بعضهم عن بعض صحيح " (١).

وصحة الاحتجاج بمراسيل الصحابة في الواقع التطبيقي العملي، جرى عليه عامة أهل العلم، فلم يرد أحد حديثاً لابن عباس صح الإسناد به إليه، من أجل كونه كان كثير الإرسال عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لقلة ما سمع منه لصغر سنه يومئذ، فكان أكثر حديثه مما أخذه بالواسطة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر تلك الوسائط في كثير مما حدث به.

وهذا القول هو الذي رجحه الحافظ الخطيب (٢)، وحكاه ابن رشيد عن جمهور أهل العلم (٣).

وذكر الخطيب أن فيمن رد المرسل من العلماء من رد مراسيل الصحابة، ولم يسم أحداً (٤).

وذكره بعض من جاء من بعد عن بعض أهل الكلام (٥).


(١) الفقيه والمتفقه (١/ ٢٩١) .......
(٢) الكفاية (ص: ٥٤٨).
(٣) السنن الأبين (ص: ١١٦).
(٤) الكفاية (ص: ٥٤٧).
(٥) انظر: جامع التحصيل، للعلائي (ص: ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>