للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلة في تنزيل مجرد الوصف بالتدليس منزلة الجرح المجمل تعود إلى أسباب، أظهرها:

أولاً: أننا وجدنا إطلاق اسم التدليس على صور ليست منه، فأطلق على الإرسال الظاهر، وعلى الإرسال الخفي، كما أطلق على أعيان، شهد بعض النقاد ببراءتهم منه.

ومما يبين ذلك _ مثلاً _ أن الحسن البصري أطلق عليه وصف التدليس، لكن الدليل عليه أنه روى عن جماعة لم يسمع منهم، أو سمع منهم شيئاً معيناً دون سائر ما يروي عنهم، وهذا لاحق بالإرسال أو الإرسال الخفي.

كذلك قال أبو حاتم الرازي في (أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي): " لا يعرف له تدلس " (١).

بينما قال الذهبي: " يدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم، وكان له صحف يحدث منها ويدلس " (٢).

قلت: فكانوا يطلقون على الإرسال اسم التدليس، وأبو قلابة لم يكن يدلس بمعنى التدليس الاصطلاحي، إنما كان يرسل، وذلك منصوص عليه في رواةٍ أدركهم ولم يسمع منهم.

وقول أبي حاتم أولى بالاعتبار والتقديم؛ لموافقته المعنى الاصطلاحي المتميز للتدليس.

قال ابن حجر بعد ذكر عبارة أبي حاتم في نفي تدليس أبي قلابة: " وهذا يقوي من ذهب إلى اشتراط اللقاء في التدليس، لا الاكتفاء بالمعاصرة " (٣).


(١) الجرح والتعديل (٢/ ٢ / ٥٨).
(٢) ميزان الاعتدال (٢/ ٤٢٦).
(٣) تهذيب التهذيب (٢/ ٣٤٠) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>