للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استدل بتعريف الشافعي للشاذ، وبين التعريفين مفارقة، وهي أن الشافعي اشترط لصحة الوصف بالشذوذ المخالفة من قبل الثقة، واقتصر الحاكم على مجرد تفرد الثقة بما لم يأت عن غيره.

والتحقيق أن تعريف الشافعي يبطل تعريف الحاكم الذي استشهد به، فإنه نفى أن يكون الشذوذ تفرد الثقة، والحاكم يجعله تفرد الثقة، وأكده بالمثال الذي مثل به، وهو حديث معاذ بن جبل في جمع الصلاتين في غزوة تبوك، وهو حديث لم تأت في إسناده ولا في متنه مخالفة من ثقة، ولكنه حديث فرد.

والحاكم حكم عليه بالشذوذ، بل زعم أن الحديث موضوع، مع أنه قال: " لا نعرف له علة نعلله بها " (١).

والتحقيق: أن تفرد الثقة بحديث من غير مخالفة لا يعد من الشذوذ، بل وقوع المخالفة شرط في الشذوذ، أو ما ينزل منزلة المخالفة، كزيادة الثقة المتوسط الرفع أو الوصل وليس محله في الإتقان محل من تسلم زيادته على من لم يأت بها، هذه هي القاعدة (٢).

مثال الشذوذ في الإسناد:

حديث حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " (٣).


(١) معرفة علوم الحديث (ص: ١٢٠).
(٢) انظر الكلام حول التفرد في (النقد الخفي).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٣٨٦) وأحمد (٦/ ١٤٤) والدارمي (رقم ٢١٢٧) وأبو داود (رقم: ٢١٣٤) والترمذي في " الجامع " (رقم: ١١٤٠) و " العلل " (١/ ٤٤٨) والنسائي (رقم: ٣٩٤٣) وابن ماجة (رقم: ١٩٧١) وابن أبي حاتم في " العلل " (رقم: ١٢٧٩) والطحاوي في " شرح المشْكل " (رقم: ٢٣٢، ٢٣٣) وابن حبان (رقم: ٤٢٠٥) والحاكم (٢/ ١٨٧ رقم: ٢٧٦١) والبيهقي في " الكبرى " (٧/ ٢٩٨) والخطيب في " الموضع لأوهام الجمع والتفريق " (٢/ ١٠٧) من طرق عن حماد بن سلمة، بإسناده به.

<<  <  ج: ص:  >  >>