للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصله: أن رواية الجماعة (محفوظة) ورواية ابن سلمة (شاذة).

وهذا مثال للشذوذ مع أن وجه المخالفة فيه ليس على معنى المعارضة للرواية الأخرى، وإنما جاء من جهة أن حماد بن سلمة ليس في الإتقان في درجة من يستقل عن الجماعة بزيادة، لما له من الأوهام مع ثقته.

مثال الشذوذ في المتن:

ما رواه همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه ".

قال فيه أبو داود: " هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق، ثم ألقاه، والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام " (١).

قلت: أراد أبو داود بالمنكر الشاذ؛ لأن مخالفة الثقة شذوذ لا نكارة، وهمام ثقة، لكن هذا معنى اصطلاحي واسع، وإنما ذكرت هذا الحديث مثالاً للتنبيه أيضاً على إطلاقهم النكارة على الشذوذ، بجامع الوهم والخطأ في كلٍّ.

وما ذكره من تفرد همام به بهذا اللفظ صحيح بالنظر إلى وروده من طريق ثقة، وإلا فقد جاء من وجه آخر ضعيف لا يعتبر به.

وقد قال النسائي: " هذا الحديث غير محفوظ " (٢)، وهذه العبارة ألصق بالاصطلاح من عبارة أبي داود.

والحديث شاذ لمخالفة سياق متنه لما هو المحفوظ من رواية أصحاب الزهري كيونس بن يزيد الأيلي وشعيب بن أبي حمزة وإبراهيم بن سعد


(١) سنن أبي داود (رقم: ١٩).
(٢) السنن الكبرى (رقم: ٩٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>