للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال هؤلاء (عبد الملك بن عمير)، فهو ثقة، وقد ذكر بذلك، قال أحمد بن حنبل: " مضطرب الحديث جدا مع قلة حديثه، ما أرى له خمس مئة حديث، وقد غلط في كثير منها "، وقال يحيى بن معين: " مخلط " (١) وهو يريد هذا المعنى.

واضطرابه بينه أحمد بن حنبل في رواية أخرى عنه، فقال: " يختلف عليه الحفاظ " (٢).

قلت: وهذا يعني أن ما لم يختلف عليه فيه فهو من صحيح حديثه، وما اختلف عليه فيه اختلافاً غير قادح على أي وجوهه كان، فهو كذلك من صحيح حديثه، وما كان منه غير ذلك فهو مما يعل باضطرابه فيه، ويضعف لذلك.

وقد يقع الاضطراب للرواي الثقة في روايته عن شيخ معين لا مطلقاً.

وذلك كقول أحمد بن حنبل في (محمد بن عجلان): " ثقة "، فقيل له: إن يحيى (يعني القطان) قد ضعفه؟ قال: " كان ثقة، إنما اضطرب عليه حديث المقبري، كان عن رجل، جعل يصيره عن أبي هريرة " (٣).

قلت: فمثل هذا إن قدح في حديث الراوي، فإنه لا يقدح إلا فيما رواه عن ذلك الشيخ، على أن ابن عجلان لم يضر حديثه عن المقبري أنه اضطرب فيه خلافاً لما قد يفهم من جرح يحيى القطان؛ لأن اضطرابه من جهة أن سعيداً المقبري كان يروي عن أبيه عن أبي هريرة، وسمع كذلك من أبي هريرة، فذكر ابن عجلان عن نفسه أنها اختلطت عليه، فجعلها جميعاً عن سعيد عن أبي هريرة، فما ذكر فيه من روايته عن سعيد: (عن


(١) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (٢/ ٢ / ٣٦١).
(٢) الجرح والتعديل (٢/ ٢ / ٣٦٠ _ ٣٦١)، أي: أنَّ الرواة الثقات المتقنين إذا رووا عنه يذْكرون في رواياته اختلافاً، وذلك من جهته لا من جهتهم؛ لحفظهم.
(٣) العلل، رواية أبي بكر المروذي وغيره (النص: ١٦٢) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>