للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم " إلى قوله: "ولا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون " وعلى هذا المنهج جرى ما ورد فى الكتاب العزيز من دعاء الرسل أممهم: "يا قوم استغفروا ربكم إنه كان غفارا ... "الآيات إلى قوله: "لتسلكوا منها سبلا فجاجا " ثم اختلف جواب الأمم فمن مسرع فى الإجابة بهداية الله تعالى ومن مبطئ ومن مصمم على ضلاله: "ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " ثم لكل نبى مقامات ومقالات بحسب اختلاف الموطن والمجتمعات ولكل مقام مقال يناسبه فجرى اختلاف ما ورد جوابا بنسبة ما وقع الجواب عليه مع إحراز الأنبياء عليهم السلام ما أمروا به من الصبر والتلطف فى أكثر أحوالهم متوقفين فيما وراء هذا على ما يرد منه تعالى كما قيل لنوح عليه السلام: "إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن "فقطع عليه السلام رجاءه منهم وفهم من ربه تعالى جواز دعائه عليهم واستشعر انتقامه منهم فقال: "رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " وذلك بعد مبالغتهم فى البعد عن الاستجابة وقولهم: "قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " قال تعالى فيمن سلك مسلكهم فى التكذيب: "فلما آسفونا انتقمنا منهم " وقال تعالى: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم

قد كذبوا جاءهم نصرنا ... "الآية.

فأقول بناء على ما تمهد أن قوم نوح لما ذكر تعالى عنهم فى سورتى هود والمؤمنين إساءة فى جوابهم لنبيهم وإطالة فى المرتكب حين قالوا فى سورة هود: "ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين " فجمعوا فى هذه الإطالة توهمهم مساواته عليه السلام، فيما رآه البادى من البشؤية والصورة الإنسانية إلى استرذال أتباعه كما قالوا فى الموضع الآخر: "أنؤمن لك واتبعك الأرذلون "وإلى التعامى عن فضله عليه السلام عليهم وظنهم كذبه وقد نزهه الله من ذلك كله فإذا تأملت مجموع هذا استطلعت منه مكنون كفرهم ومثل هذا من غير فرق قولهم فى آية المؤمنين: "ما هذا إلا بشر مثلكم "إلى قولهم: "إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين " فلإساءتهم فيما ذكر من الوارد عنهم فى الموضعين وصفوا بالكفر فقال تعالى: "فقال الملأ الذين كفروا من قومه " فوصفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>