للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العنكبوت]

الآية الأولى منها - قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت: ٨)، وفي سورة لقمان: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان: ١٤ - ١٥)، وفي سورة الأحقاف: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ... ) إلى قوله: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف: ١٥)، اشتملت هذه الآي في السور الثلاث على التعريف بما يجب من حقوق الوالدين، وما يرعى لهما، ومنتهى ذلك وغايته، وقد اجتمعت في هذا المعنى، ثم اختلف إيرادها، ففي العنكبوت والأحقاف حسناً ولم يرد ذلك في سورة لقمان، وفي العنكيوت (لتشرك) بتعدية الفعل باللام وفي لقمان: (عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي) فعدّى بعلى، وفي لقمان: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) ولم يرد ذلك في السورتين، وفي لقمان: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) وفي الأحقاف: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرً)، وفي لقمان والأحقاف ذكر الأم منصوصاً عليها وورد ذكرها في العنكبوت مجملاً، وفي العنكبوت ولقمان التعريف بالرجوع إليه سبحانه ولم يرد ذلك في الأحقاف، فيسأل عن هذا؟ وعن وجه اختصاص كل سورة من الثلاث بما خصت به؟ وإن كان ذلك حاصلاً من جواب ما تقدم، فتلك تسعة أسئلة.

والجواب عن الأول: أن بناء آية العنكبوت على قص سعد بن أبي وقاص وما كان من فعل أمة وحلفها على ألا تأكل ولا تشرب ولا تستظل حتى يرجع سعد إلى دينها، والقصة مشهورة، فنزلت الآية، ولما لم يقصد غير هذا اكتفى بالتنبيه على الإحسان بهما ما لم يدعوا معاً أو أحدهما إلى الشرك، ولما كان حكماً لا يخص أباً من أم لم يحتج إلى التنصيص على أحدهما، فوقع الاكتفاء هنا بقوله: (حسناً)، ونصبه على الحال لأن المصدر إذا حذف اكتفاء بصفته فانتصابها عند سيبويه، رحمه الله، على الحال ذكر ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>