للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الحج]

الآية الأولى منها: غ - قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ... ) (الحج: ٥)، وفي سورة المؤمن: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (غافر: ٦٧)، ففي الأولى: (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) ولم يقع التعريف بهذه الأحوال من الانتقال عن العلقة، وهو الدم المتعقد المتغير عن النظفة، وهو هنا المني المنفصل يصير (هنا) دماً جامداً، ثم يصير مضغة، والمضغة قطعة لحم قدر ما يمضغ مثله، ثم قد يتم سبحانه خلق تلك النطفة وتخطيطها وتصويرها على ما يشاء من هيئة وصورة ولونية كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ) (آل عمران: ٦)، وقد لا يتم، فينقص من خلقها ما يشاء من الأعضاء والحواشي، وإلى هاتين الحالتين الإشارة، والله أعلم، بقوله: (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ)، أي تامة الخلق وغير تامة، فأشار تضعيف لفظ مخلقة إلى هذا فقيل مخلقة وغير مخلقة، أما السقط المولود لغير التمام فحصل من مفهوم قوله تعالى بعد: (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) (الحج: ٥)، إذ مفهوم هذه - والله أعلم - أن بعض ذلك لا يقره تعالى وهو السقط، هذا - والله أعلم - إلى ما قدمنا، قوله: (إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي الأجل الذي يشاء تعالى إبراز الموجود فيه وولادته، فهذه الانتقالات والأحوال قد اختصت بها هذه الآية، ولم ترد في آية سورة المؤمن مع البادي في اتحاد المقصود في الموضوعين، فلسائل أن يسأل عن وجه ما ورد في الآيتين؟

والجواب، والله أعلم: أن آية سورة الحج مقصود فيها إقامة البرهان على البعث الأخراوي وبسط الدلالات على كيفية وإرغام منكرية، ألا ترى أن هذه الأحوال

<<  <  ج: ص:  >  >>