من ذلك:"لأقعدن لهم صراطك المستقيم " إلى آخر المحكى من كلامه، ومراده: لأستولين لهم عليه لا على ما فهمه بعض المتأخرين حين رام الحاق مثل هذا من الذروف المختصة بالمبهمة منها وخالف الناس فى ذلك، ولو كان الأمر على ما قال لكان وصول الفعل الذى هو "لأقعدن " على تقدير حرف الوعاء الذى هو "فى " وكان يفسد المعنى لأن المراد اللعين وطعمه إنما كان فى الاستيلاء على الطريق بدليل حصره الجهات فى قوله: "من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم "، فهذا طلب أخذهم بكل الجهات وطمع فى الاستيلاء وأن يكون له سلطان ولهذا قال عز وجل له:"إن عبادى ليس لك عليهم سلطان " ولو كان على تقدير حرف الوعاء لناقض هذا الغرض ولكان تقديره لأقعدن لهم فى صراطك وهذا ضد ما يقتضيه تقدير على من الاستيلاء وقد بسط هذا فى موضعه وأن الصواب ما عليه جماعة النحويين وما فهموا عليه كلام سيبويه رحمه الله من أن الطريق مختض لا مبهم وأن المعنى هنا فى الآية على تقدير حرف الاستيلاء لا حرف الوعاء ولما قد كان قد ورد فى الحجر منعه ومنع جنوده عن تعرف خبر السماء واستراق السمع فى قوله عز وجل: "وقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين.
وحفظناها من كل شيطان رجيم.
إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين " فلما صد من هذه الجهة عدل إلى الأخرى
فقال:"لأزينن لهم فى الأرض " أى إن كنت ممنوعا عن إغوائهم من حيث خبر السماء وإبداء المقدرات مما يوجهه الله إلى ملائكته مما يحدث فى علم الأرض وقد سبق فى العلم القديم فإن كتن قد معتنى عن إغوائهم من هذه الجهة رجعت إلى إغوائهم من هذه الجهة رجعت إلى إغوائهم من جهة لم تمنعنى عنها لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا من عصمته منى ولم تجعل لى السبيل إليه وهم عبادك المخلصون، فلأجل اختلاف المتقدم فى كل من السورتين ما اختلف المبنى عليه من المحكى عن إبليس من طمعه وورد كل على ما يناسب ولم يكن ليناسب تعقيب ما ورد فى الأعراف بما أعقب المتقدم فى سورة الأعراف والله سبحانه أعلم بما أراد.
الآية الرابعة من سورة الأعراف
قوله جل وتعالى:" وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩) " وفى سورة الأنفال: " وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) " فورد فى الأولى: أن عذابهم بكسبهم وورد فى الأنفال أن عذابهم بكفرهم فللسائل أن بقول ما الفرق الموجب بين للاختلاف؟