للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الشعراء]

الآية الأولى (منها) قوله تعالى: (قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ) (الشعراء: ٥٠)، وفي سورة الزخرف: (وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) (الزخرف: ١٣ - ١٤)، للسائل أن يسأل عن تخصيص خبر إن هنا بزياد لام التأكيد وحذفها من الأولى؟

والجواب: أنه لما كان قول السحرة (لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ) (الشعراء: ٥٠)، جواباً لفرعون لما توعدهم بقوله: (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (الشعراء: ٤٩) فجاوبوه بقولهم (لاضير) - أي لا ضرر - (إنا إلى ربنا منقلبون)، أي إذا فعلت بنا ذلك فإنا منقلبون إلى ربنا ومجازون على صبرنا، فجاوبوه معزين أنفسهم ومتناسين بما ينتظرون من الثواب وعظيم الجزاء بسبقهم إلى الإيمان وصبرهم أن فعل بهم ذلك الإمتحان، فليس موضع قسم ولا تأكيد بما هو إخبار عن رجائهم وما ينتظرونه ثواباً على إيمانهم، فلا مدخل للام التأكيد هنا.

وأما آية الزخرف فمبينة على ما تقدمها من الإخبار عن مشركي العرب في قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (الزخرف: ٩)، والمراد بذلك إقامة الحجة عليهم في إنكار البعث، فطابق ذلك وناسبه تأكيد قول المؤمنين المقول لهم: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) (الزخرف: ١٣ - ١٤)، فأكذ هذا وضمن معنى القسم، وأحرز ذلك تقديم ما النافية في قولهم: (وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)، فوطأت ما في هذه الجملة من معنى القسم وأشرعت به، ثم جيء بالجملة مؤكدة بحرفي التأكيد وهما إن واللام، فدخلت إن على الاسم واللام على الخبر لما تقدم منهم إنكار البعث جاوبهم المؤمنون، فكأنهم قالوا: والله إنه لحق، فسوغ دخول اللام ما قصد من هذا الغرض، وليس ذلك في آية الشعراء، فورد كل على ما يناسب، والله أعلم.

الآية الثانية من سورة الشعراء قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ) (الشعراء: ٦٩ - ٧١)، وفي سورة الصافات: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (٨٣) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>