الآية الأولى غ - قوله تعالى:(تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ)(الحجر: ١)، وفي سورة النمل:(تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ)(النمل: ١، فورد في هاتين السورتين ذكر الكتاب والقرآن معاً منسوقاً أحداهما على الآخر، ثم اختلفت كيفية الإيراد، فقدم في الأولى ذكر الكتاب وأخر في الثانية؟
والجواب، والله أعلم: أنه لما تقدم في آية الزخرف لفظ الخبرية وهي للتكثير ناسب ذلك ذكر من يوحي إليه من نبي مرسل أو نبي غير مرسل، فورد هنا ما يعم الصنفين، عليهم السلام. أما آية الحجر فلم يرد فيها ولا قبلها ما يطلب بالتكثير مع ما تضمنت من قصد تأنيسه، عليه السلام، وتسليته، فخضت بالتعبير باسم الرسالة تسلية له عن قولهم:(إنك لمجنون) بما جرى للرسل قبل، عليهم السلام، من مثل ذلك، ومن البين أن موقع الرسل هنا أمكن في تسليته، عليه السلام، فجاء كل على ما يجب من المناسبة، والله أعلم.
الآية الثالثة: غ - قوله تعالى:(كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ)(الحجر: ١٢)، وفي سورة الشعراء:(كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ)(الشعراء: ٢٠٠)، فللسائل أن يسأل عن وجه ورود:(نسلكه) في سورة الحجر، وورود:(سلكناه) في سورة الشعراء؟
ووجه ذلك، والله أعلم: أنه تقدم في آية الحجر قوله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)(الحجر: ٦)، وهو قول العتاة من كفار قريش وغيرهم الذين عُنُوا بقوله (تعالى) تهديداً ووعيداً: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(الحجر: ٣) ولم يتقدم في هذه السورة إخبار بحال غيرهم من مكذبي الأمم سوى التعريف بأن كل قرية أهلكت فبأجل معلوم وكتاب سابق لا يتأخر عنه ولا يتقدم، فحال