للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة، وأنه الذي له ملك السماوات والأرض، والقدير على كل شئ والأول والآخر، والظاهر والباطن، العليم بكل شئ، والخالق للسماوات والأرض، والذي أستوي على العرض بالقهر والقدرة، (والعلمي بما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وأنه مع الكل بالعلم) والإحاطة والبصر (بأعمالهم)، أكد ما تقدم بإخباره تعالى بأنه له ملك السماوات والأرض (وإليه رجوع أمر الخلائق، فلا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يصدر شئ إلا منه وعن قضائه، فتكرر قوله: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (الحديد: ٢) لبناء ما ذكر عليه أبين شئ لحصول الجمل المفصلة قبله تحت مفهومه، فقد تبين وجه التكرار ووجه تعقيب المكرر بقوله: (وهو على كل شئ قدير)، فلما تقدم متصلاً به قوله " يحي ويميت" فالمراد وهو على كل شئ قدير من الإماتة والإحياء وغير ذلك مما يدخل تحت حكم القدرة، فهذا التعقيب أنسب شئ وأوضحه، والله اعلم.

الآية الثالثة من سورة الحديد: غ قوله تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) (الحديد: ١٢)، وفي سورة التحريم: (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى) (التحريم: ٨)، قدم الفعل في الأولى وأخر في الثانية؟

ووجه ذلك، والله أعلم: أن قوله في سورة التحريم (الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) يفهم من حيث المعية قرب المنزلة وعلو الحال فتقدم ثبوته، فناسب ذلك ورود الجملة الاسمية هنا لما تقتضيه من الثبات وتقدمه واستحكامه. أما قوله في سورة الحديد: (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) فبشارة للمؤمنين، ولم يأت هنا كونهم مع نبيهم، فلم يتحصل مما يفهم تمكن المنزلة وثبوتها ما تحصل في آية التحريم إنما هذه بشارة، فناسبها التجدد والحدوث، فناسب ذلك الفعل بما يعطيه من المعنى فقيل " يسعى نورهم بين أيديهم " ليفهم التكرر وحدوث الشئ بعد الشئ، فورد كل على ما يجب ويناسب.

الآية الرابعة: غ - قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) (الحديد: ٢٢)، وفي سورة التغابن: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (التغابن: ١١)، للسائل أن يسأل عما زيد في آية الحديد من قوله " في الأرض ولا في أنفسكم" إلى ما بعد مما خلت منه آية التغابن مع اتحادهما فيما انطوت عليه من المعنى؟

فأقول - وأسأل الله التوفيق - إن المسبحات الخمس وهي: سورة الحديد وسورة الحشر وسورة الصف وسورة الجمعة وسورة التغابن، مع اشتراك خمستها في مطالعها لم تتلاق منها في عدة معان وترادف ألفاظ واحدة مع أخرى تلاقي هاتين السورتين أعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>