وإن صخر لوالينا وسيدنا ... وإن صخراً إذ نشتو لنحار
وإن صخراً لتأتم الحداة به ... كأنه علم في رأسه نار
فكررت ذكر صخر ثلاث مرات ظاهراً غير مضمر، وكقول آخر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغض الموت ذا الغنى والفقيرا
فكرر لفظ الموت ثلاث مرات في بيت واحد. وقال:
ليت الغراب غداة ينعب دائباً ... كان الغراب مقطع الأوداجِ
وهذا موجود في كلامهم كثيراً إذا قصدوا الاهتمام والاعتناء والتهويل والاستعظام، ومن الوارد في هذا في التنزيل:(الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ)(الحاقة: ١ - ٢)(الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ)(القارعة: ١ - ٢)، وما ورد من هذا. وأما تخصيص هذه السورة بذكر الميزان وأكيده والوصاة بحفظه وفاء والتزاماً - وهو الجواب الثاني - فمن حيث إن بناء السورة على إعلام الثقلين بنعمة سبحانه لديهم، وإقامة الحجة عليهم، وتعريفهم (بأنهم) لو وفقوا للحظ نعمة تعالى وما بث في السماوات والأرض وخلوقاتهما من عجائب صنعه ما كفر منهم أحد ولا كذب، وإنما أتى على من قدم ذكره من الأمم المكذبة في سورة القمر المتصلة بهذه لعدولهم عن النظر السديد اعتماداً على الأهواء ونبذاً للعدل، والإنصاف ولو اعتبروا بخلق الإنسان وما منح وعلم من البيان وشرف به على سائر الحيوان، واعتبروا بآيتي الشمس والقمر وجريهما بحسبان لتفصيل الفصول وربط الأزمان، وتعاقب الملوين للتصرف والاستراحة (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)(الإسراء: ١٢)(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)(يس: ٤٠)، فلو اعتبروا بهذا وما يستدعيه وينجر معه، وبالنبات نجماً وشجراً، ورفع السماء، ووضع الميزان للأنام، إخراج ضورب الأطعمة وأصناف الفواكه منها، واختلاف أنواعها في الطعن واللون والروائح مع اتحاد المادة:(يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ)(الرعد: ٤)، وكيف مرج سبحانه البحرين:(هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)(الفرقان: ٥٣)، وقد حجز سبحانه ما