عذاب الله قال تعالى:"وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه " والأمر عام لكافة الخلق ثم قال سبحانه وتعالى: "ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " أتبعه بقوله: "ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " وترتب حاصلا من مضمن الآيات الثلاث أنه من عقل وتذكر اتقى والمتقون هم المفلحون فسبحان من هذا كلامه.
[الآية التاسعة والعشرون: قوله تعالى: "وأنا أول المسلمين "، وفى سورة الأعراف:"وأنا أول المؤمنين "، يسأل عن الفرق؟]
والجواب والله أعلم: أن هذه الآية لما تقدمها قوله تعالى: "قل إننى هدانى ربى إلى صراطى مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا " وقد قال فى سورة آل عمران: "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين " وفى وصيته عليه السام لبنيه: "يا بنى إن الله اصطفى لكم الذين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وبهذا أوصى يعقوب عليه السلام قال تعالى: "وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ... " الآية، وهى جواب بنى يعقوب حين قال لهم:"ما تعبدون من بعدى " فأجابوا بقولهم "نعبد إلهك "الى قوله "إلها واحدا ونحن له مسلمون " وقال سبحانه لنبينا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " وقال تعالى: "قل - أى يا محمد - إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا " إلى قوله: "وأنا أول المسلمين "، فإنما قال عليه السلام وعمل واقتدى ظاهرا وباطنا بما أمر به وما درج عليه هؤلاء الصفوة المذكورون ومن سلك مسلكهم وعبارة الإسلام تعم الاستسلام بالظاهر والباطن، والإيمان الذى هو التصديق داخل تحت ذلك وفى جملة ما يطلق عليه اسم الإسلام فقد تحصلت عبارته عليه السلام منبئة عن الكمال فى مسمى الإيمان والإسلام على الحال التى درج عليها المصطفون الأخيار وحالهم فى ذلك لا يدركها غيرهم من حيث الكمال التام صلى الله عليهم أجمعين ولا قطعنا عن التمسك بهديهم.
فقد وضح بما ورد فى هذه الآية الجليلة أنه لا يناسب هنا غير هذا الوارد والله أعلم.
وأما آية الأعراف وقوله فيها:"وأنا أول المؤمنين " فالقائل ذلك موسى عليه السلام حين سأل الرؤية وظن أنها جائزة فى الدنيا فلم يسأل عليه السلام محالا وإنما سأل جائزا