للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة المرسلات]

قوله تعالى: (ويل يومئذ للمكذبين) للسائل أن يسأل عن تكريرها عشر مرات؟ وعن الترتيب فيما تخلل متكرر هذه الآية من الآيات وإبداء الفائدة في كل آية واختصاصها بموضوعها؟ وعن الفرق الوارد من هذه الآية هنا وفي سورة التطفيف من حيث تكررت هنا ولم تتكرر في سورة التطفيف؟ فهذه ثلاثة سؤالات في ثانيها تفصيل.

والجواب عن الأول: أن سورة الإنسان لما تضمنت التعريف بحال الفريقين ذوي السعادة وأهل الشقاء، وابتدئت بذكر حال المكذبين فقال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا) (الإنسان: ٤)، ثم أردف هذا بالتعريف بحال وي التنعم وجرى في وصفهم إطناب، ثم عاد الكلام إلى حال من تقدم (فقال: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) (الإنسان: ٢٧)،فلما قدم هذا من وعد الكافرين أقسم تعالى على وقوعه إبلاغاً في الإنذار فقال تعالى: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا) (المرسلات: ١) إلى قوله: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ) (المرسلات: ٧)، ثم عرف سبحانه بصفة يوم الوقوع، وكأنه على تقدير سؤال كأن قد قيل: ومتى ذلك؟ فقال: (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ) (المرسلات: ٨ - ٩) إلى قوله: (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) (المرسلات: ١٣)، ثم أكد هول ذلك اليوم بسؤاله صلي الله عليه وسلم عن تعرفه فقال: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ) (المرسلات: ١٤) تعظيماً لأمره وإنباء بأهواله وشدائده، ثم قال: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات: ١٥)، ثم تكرر هذا الدعاء بالويل الحال بهم سبع مرات - رعيا لما تقدم في سورة الرحمن - آخرها: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات: ٣٩ - ٤٠)، ثم رجع الكلام إلى التعريف بحال الناجين في آيات ثلاث لم يتخللها الدعاء بالويل لئلا يشوب بشارتهم تنقيص فقال تعالى (إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون) إلى قوله: (إنا كذلك نجزي المحسنين) (المرسلات: ٤١ - ٤٤)، ثم عادت الآي إلى ما بنيت عليه السورة من وعيد المكذبين وتخويفهم إلى آخر السورة، وتكرر فيها ذلك الدعاء بالويل للمكذبين ثلاث مرات، طوبق بها عدد آيات وصف المتقين ليكون زيادة في تنكيل المكذبين وتحسرهم بسماع حال من حاله على الضد منهم، فتلك العشرة التى تضمنتها السورة.

فإن قلت: لم فصل بين ما جرى من الآي المتقدمة وبين هاتين الآيتين من قوله: (المرسلات: ٤٦) مع أن جميعها راجع إلى مقصد واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>