للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواو، ولم يكن كأية النحل، فافترق القصدان، ولم يلائم كلا من الموضعين الا الوارد فيه.

والجواب عن السؤال الثالث: أن معنى الكلام فى قوله (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) (فاطر: ١٢) مستقل، لا ابهام فيه ولا احتمال لآن تقدير الكلام: من كل البحر أكلكم واستخراج الحلية للباس فالكلام فى قوة المبتأوالخبر، لايوهم خلاف ما ذكر، وأما قوله: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) (النحل: ١٤) فلو سقط هنا المجرور الذى هو ((منه)) لكان مجالا للاحتمال، لو قيل: وتستخرجوا حلية لم يكن بالنص فى أن استخراج الحلية من البحر وان كان ظاهرا الا أن هذا القدر من الاحتمال منقدح هنا وغير منقدح فى أية الملائكة لآنة لا انقداح فيها للاحتمال فورد كل على ما يجب، والله واعلم.

الآية الثالثة من سورة النحل قوله تعالى: (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (النحل: ١٢)، وفى سورة الزمر: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر: ٧٢)، وفى سورة المؤمن: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (غافر: ٧٦)، للسائل أن يسأل عن زيادة اللام فى اية النحل وسقوطها فى الآيتين الآخريين وما وجه ذلك؟

والجواب عن ذلك: أن أية النحل تقدمها ثمانى أيات أو نحوها فى ذكر هؤلاء المقول لهم: (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) وفى وصفهم من لدن قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (النحل: ٢٤) الى قوله: (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) (النحل: ٢٩)، وتلك اطالة فى ذكرهم، والاستيفاء يناسبه التأكيد باللام المشيرة الى معنى القسم، وأما الآيتان فى سورة الزمر وسورة المؤمن فان المتقدم فى الاولى منهما قوله: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا) (الزمر: ٧١) الى قوله (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) (الزمر: ٧٢)، وذلك كلام قد جمع الى الوجازة أنة لم يذكر من كفرهم مثل ما ذكر فى المذكورين قبل أية النحل من ردهم المنزل بقولهم: (أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وتلك مقالة شنعاء من كفرهم، فناسب الايجازالواقع قبل أية الزمر مع أجمل فيها من كفرهم بسقوط اللام من قوله: ((فبئس)). وأما أية سورة المؤمن فلم يقع ايضا قبلها استيفاء التعريف ما وقع في سورة النحل ولا نص من شنيع مرتكبهم على غير التكذيب، فناسب ذلك سقوط اللام كما فى سورة الزمر، وورد كل على ما يجب ويناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>