للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفراده سبحانه بالخلق والأمر فتوكلوا عليه، فأعقبت كل آية منها بما يناسبها ووردت على ما يجب، والله أعلم.

الآية الثالثة من سورة القصص - قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ) (القصص: ٧١)، ثم قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (القصص: ٧٢)، للسائل أن يسأل لم قدن الليل؟ ولم ختمت الأولى بقوله: (أَفَلَا تَسْمَعُونَ)، والثانية بقوله: (أَفَلَا تُبْصِرُونَ)؟

والجواب عن الأول أن تقديم الليل على النهار جار على ما بنت العرب عليه حساب شهورها من تقديم الليل وجعل النهار تابعاً له، ولم يرد في كتاب الله تعالى على كثرة ترداده إلا ذلك.

والجواب عن السؤال الثاني: أن قوله تعالى في آية الأولى: (أَفَلَا تَسْمَعُونَ) مناسب للمدرك ليلاً من ضربي ما يعتبر به من المسموعات والمبصرات، إذ الليل حائل دون المبصرات، وإنما تدرك فيه المسموعات لأن ظلمة الليل غير مانعة من إدراكها، فجيء بما يناسب، وجيء مع ذكر النهار بما يناسب أيضاً، فقيل: (أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، لأن المبصرات تدرك نهاراً ولا تدرك ليلاً، فجيء مع كل بما يناسب، والله أعلم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>