عليه السلام لهم فى قوله "اعملوا " فاعتضد ما يستدعى الجوابية بالفاء فوردت فى الجواب المبنى على الشرط المقدر بعد هذا الأمر على أحد مأخذى النحويين أو الذى تضمنته الجملة ونابت منابه على القول الآخر، ولما كانت آية هود إخبارا لنبينا عليه الصلاة والسلام فضعف فيها تقدير الشرط فلم تدخل الفاء وجاء كل على ما يجب والله أعلم.
الآية السادسة والعشرون قوله تعالى:"سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا كذلك كذب الذين من قبلهم "، وفى سورة النحل:"لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ كذلك فعل الذين من قبلهم ".
للسائل أن يسأل عما اختلف فى هاتين الآيتين مع أن المقصود واحد؟
والجواب عن ذلك والله أعلم أنه لما تقدم آية الأنعام قوله تعالى:"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر " وهذا إخبار عن بنى إسرائيل فيما حرم عليهم ثم ورد بعدها قوله تعالى: "قل هلم شهدائكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا " وهو خطاب لهم أيضا، فقد اكتنف الآية المذكورة ما مرجعه إلى بنى إسرائيل فيما حرم عليهم وما ألحقوه بذلك تحريفا وتبديلا ووردت الآية المتكلم فيها مورد ما يرد من الجمل الاعتراضية لاتصال ما بعدها بما قبلها، فلم يكن ليلائم ذلك الاسهاب وطول الكلام إذ الوجه فيما يرد اعتراضا أن يؤخر وأما آية النحل فلم يتقدمها خطاب لغير العرب مؤمنهم وكافرهم وقد أطنب فى تذكيرهم ووعظهم، وقد بسط لهم ذكر نعم ودلائل، فناسب ذلك الاسهاب الوارد فيها من قوله:"لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ " ولم يكن ليناسب آية الأنعام ما ورد هنا، ولا الوارد هنا ذلك الإيجاز، والله سبحانه أعلم.
الآية السابعة والعشرون
قوله تعالى:"قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم "، وفى سورة بنى إسرائيل [الإسراء]: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم "، ففى الأولى "من إملاق "و "نرزقكم " بتقديم ضمير المخاطبين فللسائل أن يسأل عن وجه هذا الاختلاف فى الآيتين مع اتحاد المقصد فيهما؟
والجواب عن ذلك والله أعلم أن المخاطبين بآية الأنعام إنما كان فعلهم ذلك من