الآية الأولى منها - قوله تعالى:(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(الحديد: ١)، وفي سائر المسبحات «وما في الأرض»، ثم في سورة الحديد وسورة الحشر وسورة الصف:"سبح" بلفظ الماضي، وفي سورة الجمعة والتغابن " يسبح" بلفظ المضارع، فهذان سؤالان؟
والجواب عن الأول، والله أعلم: أن كون " ما " لم تتكرر في هذه السورة إنما ذلك ليطابق بالكلام ما اتصل به من قوله تعالى: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(الحديد: ٢)، فلما لم تكن هذه الآية مستدعية لفظة " ما " روعي ذلك فيما قبلها لتناسب الآيتين، مع حصول ما تعطيه " ما " من المعنى، فلو وردت لم تكن لتكون إلا تأكيداً، وكان يسقط التناسب اللفظي، ثم قد ورد بعد هذا قوله:(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)(الحديد: ٤)، فتناسب هذا كله على ما يجب. أما المسحبات فلم يرد فيها ما يستدعى هذه المناسبة، فوردت على ما هو أنسب لما يفهم لفظ المضارع في التمادي والتكرر، والله أعلم.
والجواب عن السؤال الثاني: أن لفظ الماضي في " سبح " ولفظ المضارع في " يسبح " يحرزان الاستمرار والدوام، ولا تحرز إحدى العبارتين ذلك بالتأويل والتقدير، فكان الجمع بين محرزي ذلك أولى. وإنما تقدم الماضي لثبات رتبته وجوداً قبل المضارع، ثم اتبع بما يقتضي الاستمرار، وكان ورود أكثرها على التعبير بالماضي لأنه أوضح في استحكام الثبات وامتداده، فورد هذا كله على أنسب وجه.
الآية الثانية من سورة الحديد - قوله تعالى:(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(الحديد: ٢)، ثم ورد بعد قوله:(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)(الحديد: ٥) للسائل أن يسأل عن إعادة قوله: " له ملك السموات والأرض" مع قرب هاتين الآيتين وعن تعقيب الأولي بقوله " وهو على كل شئ قدير" والثانية بقوله: " وإلى الله ترجع الأمور".
والجواب الأول: أن إعادة قوله: " له ملك السموات والأرض " إنما أعيد ليبني عليه قوله: " وإلى الله ترجع الأمور". لما تقدم وصفه سبحانه أنه المسبح المتعالي ذو العزة